عرض عام
تمثّلت جذور القرن السابع عشر للإمبراطورية البريطانية في روح المشاريع التجارية والمستعمرات الاقتصادية التي تبنّتها شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا . وفي مطلع القرن العشرين، بات اهتمام الإمبراطورية البريطانية سياسيًا في الأصل حيث ركزت على الحفاظ على الحالة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة لدول الدومينيون لضمان أمن الإمبراطورية. وساعد هذا في تفسير بقاء صناعة اللؤلؤ بالخليج على حالتها البدائية للغاية، بغض النظر عن منتجاتها باهظة الثمن والمرغوبة بشدة في الهند وأوروبا وأمريكا الشمالية و بالرغم من انتشار الأساليب والمفاهيم المُبتكرة في تلك الصناعة على طول مغاصات اللؤلؤ في شتى أنحاء العالم.
اللؤلؤ المزروع
في أوائل عشرينيات القرن العشرين بات واضحاً للغاية المشاكل التي تعاني منها صناعة اللؤلؤ بالخليج. وربما كان يشكل التراجع في الطلب العالمي على اللؤلؤ خلال الحرب العالمية الأولى مشكلة قصيرة الأجل، غير أن ظهور اللؤلؤ المزروع في اليابان على يد الرائد في هذا المجال؛ رجل الأعمال ميكيموتو كويتشي، كان بمثابة مؤشر على التراجع النهائي؛ حيث تراجعت أعداد اللؤلؤ ذو الحجم الجيد والمُستخرج من مغاصات اللؤلؤ بالخليج، ولم تعد قادرة على منافسة منتجات اللؤلؤ الوفيرة والأرخص ثمنًا القادمة من الشرق الأقصى.
مقاومة إقرار اللؤلؤ المزروع
كان المسؤولون البريطانيون على دراية تامة بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن تراجع صناعة اللؤلؤ، لكنهم كانوا قلقين بنفس الدرجة بشأن العواقب المحتملة لانفتاح المنطقة على الابتكارات الحديثة مثل اللؤلؤ المزروع.
وخلال فترة التحضير لموسم تجارة اللؤلؤ في ١٩٢٩، انتشرت شائعات تفيد بنية أحد التجار المحليين بدء تربية اللؤلؤ المزروع في البحرين. ولم يتحمّس المسؤولون البريطانيون لهذا الأمر كثيرًا؛ حيث كتب تشارلز بريور، الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية في البحرين حينها، "غنيّ عن الذكر الضرر الذي سينجم [...] إذا راود الشكّ كبار المشترين في أن اللؤلؤ المزروع يتم إنتاجه في مغاصات الخليج هنا." (IOR/R/15/2/122، ص. ٤٧)
مخاوف بشأن ملابس الغوص في أعماق البحار
كان البريطانيون قلقين بنفس الدرجة بشأن الاستخدام المحتمل لأجهزة الغوص الحديثة في مغاصات اللؤلؤ؛ فالأعماق التي كان بوسع غوّاصي الخليج الوصول إليها كانت تعتمد تمامًا على قدراتهم البدنية في ذلك الوقت حيث لم تتعدّى هذه الأعماق عادةً مسافة ١٠ قامات. ونظريًا، يُمكن للغواصين في حال استخدام أجهزة الغوص الحديثة الوصول لأعماق أبعد واستخراج المزيد من اللؤلؤ. ووفقًا لإدوين ستريتر، فإن الغوص "بلا شكّ يقصر أعمار ممارسيه". ومع ذلك، وبالرغم من التأثير المدمر للغوص على الغواصين، فقد أصرّ المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ هيو بيسكو في خطاب أرسله إلى بريور في البحرين سنة ١٩٣٠، أنه وزملاؤه ينبغي عليهم الالتزام بمقولة أن "أي شخص يستخدم أجهزة الغوص الصناعية يُعرّض نفسه لمخاطر جمّة" (IOR/R/15/1/122، ص. ٥٦).
وفي ١٩٣١، استعلمت شركة تريتونيا المحدودة بجلاسجو عن إمكانية استخدام لباس الغوص في أعماق البحار الخاصة بها (والتي اخترعها جوزيف بيريس) لاستخراج اللؤلؤ في الخليج. وقوبل طلبهم بالرفض من جانب مسؤولي الحكومة البريطانية الذين خافوا من الاحتجاجات المحتملة على يد المجتمعات في الساحل العربي، إلى الإصرار على "اعتبار مغاصات اللؤلؤ ملكية مشاعة بين الغواصين العرب" (IOR/R/15/2/122، ص. ٦٧).
اقتصرت الإصلاحات المُدخلة على صناعة اللؤلؤ بالبحرين والتي فرضها المسؤولون البريطانيون في ١٩٢٤ (والتي حثّ عليها الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية حينها كلايف دالي) على تنظيم الشؤون المالية للصناعة في محاولة لمنع الاستغلال الشنيع للغواصين على يد أصحاب القوارب التي يعملون عليها. لكنها لم تُحسّن من الإنتاجية أو من ظروف العمل، كما لم تؤخّر من الانهيار الحتمي لصناعة اللؤلؤ بالمنطقة.