عرض عام
يمتد تاريخ الإدارة البريطانية في الخليج العربي لنحو قرنين من ١٧٦٣ إلى ١٩٤٧، وخلالهما كان المقيمون المتعاقبون وموظفيهم يرسلون ويستلمون مئات الآلاف من الخطابات. مع مرور الوقت، تغير كثيراً أسلوب كتابة، إرسال، استلام، تنظيم وتخزين هذه المراسلات.
خلال معظم القرن التاسع عشر، كانت المراسلات المرسلة والمستلمة في المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. تُنسخ بخط اليد في مجلد المراسلات (ثم تُترجم من الأصل العربي أو الفارسي متى لزم ذلك) بمعرفة فريق من الكتبة والمُنشيين [معلمي اللغة المحلية أو سكرتيرات محليين]. وجرى تسهيل هذه الأعمال بالتوريد الدائم للورق النشاف، الريشات، الحبر الأسود، الرمل اللامع والمحايات الهندية.
التلغراف والآلة الكاتبة
وفي الحقبة الأخيرة من القرن العشرين، بدأ شكلان جديدان من التكنولوجيا في تغير طريقة التواصل بين المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. في بوشهر والحكومة في بومباي. تمثلت أولى هاتين التقنيتين في خط التلغراف الهندو- أوروبي الذي بدأ من لندن، عبر البر الأوروبي وآسيا الصغرى، ومروراً عبر بوشهر نحو كراتشي وكلكتا. وبدأ عمل خط التلغراف الهندو- أوروبي في أبريل ١٨٧٠.
أما الاختراع الثاني المهم فتمثل في الآلة الكاتبة، التي اخترعها كريستوفر شولز وكارلو جليدن في الولايات المتحدة في ١٨٦٧. وحصلت شركة تصنيع الأسلحة "إي رمينجتون وأولاده" الترخيص للإنتاج الشامل للآلة الكاتبة في١٨٧٣. بدأت الآلات الكاتبة أن تظهر في مكاتب المسؤوليين البريطانيين في الخليج في وقت ما من ثمانينيات القرن التاسع عشر. وكانت هناك ميزة مضافة في الآلات الكاتبة، وهي استخدام ورق الكربون لعمل نسخ مع الأصل، مما يقلل من الحاجة لعمل نسخ باليد في مجلد النُسخ.
الاتصالات الأولى بالتلغراف
في البداية، كان تأثير خط التلغراف الهندو - أوروبي محدودًا. وكانت عملية إرسال التلغرافات الأولى أمراً مكلفًا ( كلفت رسالة من عشرين كلمة نحو ٥ جنيهات إسترلينية) وكان يلزم إرسالها واستلامها من خلال شفرة موريس، ويمكن أن تستغرق عدة أيامًا حتى تصل إلى وجهتها - هذا إن وصلت أصلًا. ولأنه كان يلزم إعادة إرسال كل رسالة اثنتي عشرة مرة أو أكثر إلى وجهتها – غالبًا من قبل مشغلين غير ملمين باللغة الإنجليزية – وصلت المراسلات التلغرافية أحياناً في هيئة غير مفهومة وصعبة القراءة. ومثال على ذلك، تلك الرسالة المستلمة في المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. في ١٨٧٩ والتي تم تدوينها بشكل خاطئ كما يلي: ‘Avaide employing Andreas bout bistish museaum’.
رغم أن الآلات الكاتبة ساعدت في توحيد طريقة عرض الخطابات (مما ساعد أمناء الأرشيفات في عملهم كخبراء في علم الخطاطة)، إلا أنها لم تغير طريقة إرسال الخطابات. أضطر مسؤولو الحكومة في الهند والخليج الانتظار حتى أوائل القرن العشرين لحين اختراع المبرقة الكاتبة، والتي جمعت بين سهولة كتابة الخطابات على آلة كاتبة وسرعة الاتصال التلغرافي.
تطورات تكنولوجية
في العقود الأولى من القرن العشرين، وسّع المسؤولون البريطانيون نطاق إدارتهم لمنطقة الخليج العربي من خلال التحسينات التكنولوجية المستمرة وزيادة سرعة شبكة الاتصالات بالاضافة إلى موثوقيتها. وأدى ابتكار التلغراف اللاسلكي، وكان رائدها جوليلمو ماركوني في تسعينيات القرن التاسع عشر، إلى تأسيس الاتصالات التلغرافية بين بوشهر والبحرين وبين مسقط والشارقة.
سمح ذلك الإتصال المباشر واليومي بين المقيم في بوشهر ووكلائه في أرجاء الخليج. وفوق كل هذا، من بين التحسينات للمبرقة الكاتبة أنه أصبح من الممكن أن يرسل المقيم خطابات إلى وكيل معين مع إرسال نسخ إلى الباقين في ذات الوقت. وكانت النتيجة زيادة هائلة في الأعمال الورقية. وعلى نحو متزايد، أصبح من الصعب أن يحفظ المراسلات وفق ترتيب زمني دقيق. بدلاً من ذلك، قام موظفو المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. بتنظيم المراسلات في ملفات مرتبة بحسب الموضوع، واستخدموا الملاحظات والحواشي المكتبية لإحالة المواد المترابطة.
أدت التغيرات في وسائل اتصال المسؤولين البريطانيين ببعضهم ما بين ١٨٧٠ و١٩٢٠ إلى إحداث تحول في طريقة إنشاء السجلات وتخزينها وتنظيمها في مقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. بوشهر. وبما أن مجلدات المراسلات تطورت لتصبح مجموعات متنوعة تشمل الخطابات المكتوبة على الآلة الكاتبة، المنسوخة بالكربون، الملاحظات المكتوبة بخط اليد، المواد المطبوعة وقسائم التلغراف، فقد تعرض كل مقيم لأحداث دائمة التغير مما أثرت على طريقة إتصاله مع زملائه في الأماكن البعيدة وكيفية تنظيمه هذا الأرشيف المتنامي من الأعمال الورقية.