عرض عام
في أغسطس ١٨٥٢، أبلغ المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ في الخليج العربي القبطان أرنولد كِمبال الحكومة في الهند بتعرُّض الوكيل المحلي وكلاء غير بريطانيين تابعين للحكومة البريطانية. في الشارقة الحاج يعقوب للإساءة هو وخَدَمه. وفيما كان يبدو أن عددًا من سكان الشارقة قد اقترفوا تلك الإساءة بتحريض من حاكم المدينة.
في يوليو ١٨٥٣، بعد مرور أقل من عامٍ واحدٍ، تعرض يعقوب لحادثة مخزية أخرى عندما اقتحم عدد من الرجال مجلس بيته، وتعدوا بالضرب على ضيوفه ثم هددوه وطالبوه بمغادرة البلاد. وفي ١٨٦٣، قرر الباحث في الشؤون العربية ويليام بلجريف إلقاء الضوء على تعاملات الوكيل المحلي، وذلك على الرغم من اعترافه بأنه لم يلتق يعقوب بشكل شخصي خلال مروره بالشارقة.
حتى لو لم يتعرض يعقوب للإنتهاكات كل يوم، كانت هذه الأحداث تكشف الكثير عن سلوكيات الآخرين تجاهه. ولم يكن وضع يعقوب كمهاجر أرميني من البصرة وحده كافيًا لتبرير مشاعر البغض والكراهية تجاهه من سكان الشارقة. ففي واقع الأمر، كانت مدن الساحل العربي تتميز بوجود خليط من التجار العرب الأصليين والفُرس والهنود وأفراد مجتمعات الجاليات اليهودية والأرمينية.
وإنما كان في الغالب وضع يعقوب كوكيل بريطاني، أو "وكيل للمسيحيين" -- حسب ما ذكر من الاتهامات التي وجهها له مقتحمو منزله في ١٨٥٣-- هو ما أثار غالبية الشكوك تجاهه. لقد كان من المعلوم على نطاق واسع أن السبب الرئيسي لوجود يعقوب في الشارقة هو التجسس وإبلاغ السلطات البريطانية عن أحداث متعلقة بتجارة الرقيق والقرصنة في المنطقة. وفي هذا السياق أعرب بلجريف عن شكوكه حول يعقوب، مشيرًا إلى إمكانية أن يتجاهل الأخير إبلاغ رؤسائه في بوشهر عن حالات بيع الرقيق كما كان مفترض به أن يفعل.
بيد أن وضع يعقوب كوكيل بريطاني قد منحه الحماية، إلى الحد الذي جعل أقل الإعتدائات ضده تثير سخط المقيم، وتؤدي إلى ظهور البوارج الحربية قبالة الساحل في الأيام التالية.
لم يكن يعقوب وحيدًا في هذا المأزق، حيث كان منصب الوكيل البريطاني في الشارقة غير مرفوضًا في أغلب الأوقات. ولم يكن لحاكم الشارقة أي تعاملات مع يعقوب باعتباره أول وكيل محلي وكلاء غير بريطانيين تابعين للحكومة البريطانية. في المدينة، بينما استطاع أحد خلفاء يعقوب، وهو المُلا حسين، أن ينال ثقة أخي الحاكم فقط ، وليس الحاكم نفسه.
استمر الحال على ذلك حتى عشرينيات القرن الماضي، عقب تعيين عيسى بن عبد اللطيف، حيث اكتسب منصب الوكيل المحلي وكلاء غير بريطانيين تابعين للحكومة البريطانية. في الشارقة القوة والنفوذ بشكل ملحوظ. وبالنسبة لخلفاء عبد اللطيف، كان المنصب يشكل تحديًا، حيث كان على صاحبه تحقيق التوازن بين مصالح رؤسائه البريطانيين وتلك الخاصة بسكان المنطقة.