عرض عام
حينما تولى سعيد بن تيمور السلطنة في ١٩٢٣، كان قد ورث عن أبيه تيمور بن فيصل ديون كثيرة وسلطة تعتمد على القوة العسكرية البريطانية لمنع إسقاطها على يد قبائل المناطق الداخلية الجبلية.
كان الوضع في غاية السوء مما حدا بالبريطانيين إلى الإشراف الدقيق على أموال السلطنة، وأدى ذلك إلى تعيين برترام توماس في ١٩٢٥ كمستشار مالي ورئيس لمجلس الوزارء. وكان هذا المجلس ينوب عن السلطان تيمور بن فيصل أثناء غيابه المتكرر. وقد كان المسؤولون البريطانيون يأملون في تنصيب سلطان جديد يخفف الأعباء المالية التي تفرضها السلطنة على الحكومة في الهند.
تعززت حالة عدم الاستقرار في السلطنة بوجود سلطة أخرى موحِّدة في المناطق الداخلية. وفي ١٩٢٠، توسط وأبرم الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية البريطاني ر. ل. وينجيت معاهدة السيب، التي اعترفت بالإمام كالسلطة الفعلية في المنطقة الجبلية، وأدت إلى إقتصار أراضي السلطنة في مسقط بالمنطقة الساحلية إلى حد كبير.
اضطراب في صور
قبل أن يصبح سلطاناً، كان سعيد بن تيمور يمارس دورًا أكثر فاعلية في الحكومة من والده الذي كان يفضل حياة النبلاء في الهند وقد توسل للبريطانيين لعدة سنوات أن يسمحوا له بالتنحي. حينما تولى سعيد بن تيمور رئاسة الاسم الذي كان يُطلق على كل تقسيمٍ من التقسيمات الثلاث للأقاليم التابعة لشركة الهند الشرقية، وفيما بعد للراج البريطاني، في شبه القارة الهندية. مجلس الوزراء في ١٩٢٩، فإنه قد أدرك سببًا واحدًا لقلة الأموال، وهو عدم سداد الرسوم الجمركية. وقد توجه بصحبة القبطان ر. ج. ألبان الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية البريطاني في مسقط لزيارة مدينة صور حيث كانت قبيلة بني بو علي ترفض دفع الرسوم الجمركية لحكومة مسقط. وعلى إثر ذلك، سعى سعيد بن تيمور لكسب الدعم البريطاني لاتخاذ إجراءات ضد بني بو علي في قرية العايقة بالقرب من صور.
وفي أكتوبر ١٩٣١، بعث بشكوى إلى ألبان بأنه لم يتلقَ ردًا بعدُ على اقتراحه وصرَّح جازمًا:
أنا أثق بأنك الآن مقتنع أن هؤلاء الرعايا لن يخضعوا مطلقًا لأوامر حكومتنا إن لم يتم استخدام القوة، وإن لم تجر معاقبتهم فسوف تتعقد الأمور وسوف يُشجِّع ذلك رعايا آخرين على التمرد. شعب صور جميعهم الآن في انتظار نتيجة هذا الحدث. أناشد الحكومة الملكية البريطانية بزيادة مساعدتها لنا كما كان الحال في الماضي؛ ولن ننسى أفضالها ما حيينا ونحن على يقين بأنهم لا يرغبون سوى في ما هو في صالح بلادنا.
أراد سعيد بن تيمور استخدام القوة العسكرية البريطانية لتعزيز سلطته وزيادة موارده المالية. ومن جانبهم كان البريطانيون يأملون في قدرته على تغيير الوضع الاقتصادي مع استمرارتجاوبه لنصائحهم.
الأزمات المالية
عقب رحيل برترام توماس وخليفته س. إي. هيدجكوك في ١٩٣١، تولى سعيد بن تيمور الإدارة المالية للسلطنة بنفسه ورفض تعيين أي مسؤول بريطاني آخر. وبعد بلوغه سن الحادية والعشرين في ١٩٣٢، أصبح سعيد بن تيمور هو سلطان البلاد وألغى مجلس الوزراء. وقام على الفور بقطع المخصصات التي كان يحصل عليها العديد من أفراد الأسرة الحاكمة لتحسين الحالة المالية للسلطنة. إلا أن مساعيه لضبط الموازنة قد أُعيقت بفعل الكساد الكبير العالمي، والذي بدأ بانهيار وول ستريت في ١٩٢٩ واستمرت عوائد السلطنة في التضاؤل خلال ثلاثينيات القرن العشرين. ومع ذلك أسقطت حكومة مسقط جميع ديونها بحلول أربعينيات القرن العشرين بفضل تدبير النفقات الصارم الذي اتبعه.
زيادة العوائد: البحث عن النفط والثروة المعدنية
كان سعيد بن تيمور يتبع جميع الأساليب الممكنة لزيادة الدخل. وعقب اكتشاف النفط في البحرين في ١٩٣٢، تجدد رغبة البريطانيين في استكشاف النفط في الخليج وكان ذلك منقذ محتمل للأزمة المالية في عُمان. وفي ١٩٣٧، وقَّع على اتفاقية امتياز نفطي للسلطنة وأخرى منفصلة لمحافظة ظُفار، التي كان يعتبرها منطقة تخصه وحده حيث كانت أملاكه الخاصة وقصره على شاطئ البحر في صلالة.
في ١٩٤٦، طلب الحصول على تقرير جيولوجي حول منطقة ظُفار لتقييم إمكاناتها الاقتصادية ويشمل ذلك إمكانيات استخراج الفحم والنفط. وبدأ أعمال التنقيب في خمسينيات القرن الماضي بعد تعليقها خلال الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى تجدد الأمال في الحصول على عوائد من النفط. أتاحت السلطنة ببدء عمليات التنقيب عن النفط في تركيبات جيولوجية مُبشرة حول منطقة فهود في ١٩٥٦ ولكنها لم تُكلل بالنجاح.
لقد كان دومًامهتم بالأوضاع المالية الخطرة للسلطنة، وعند توليه السلطة رفض التصديق على المشروعات التنموية حتى توافر رأس المال المطلوب للمشروع بالكامل. وقد أدى ذلك إلى تنامي الإدراك بأنه كان ضد التنمية وعنيدًا في رفض نصائح البريطانيين، وخاصةً بين أفراد شعبه وبعض المسؤولين البريطانيين.
في ١٩٦٤، تم اكتشاف النفط في المناطق الداخلية فقط، في حقل فهود على مسافة مائتي متر من حفَّارات النفط الأولى. وبعد تصديره للمرة الأولى في ١٩٦٧، تم نشر بيان من سعيد بن تيمور على بوابات مسقط كتوضيح لمنهجه الاحترازي. كان بعنوان "كلمة السلطان سعيد بن تيمور، سلطان مسقط وعُمان حول تاريخ الوضع المالي للسلطنة في الماضي وآمال المستقبل، بعد تصدير النفط"، وكان هو البيان الوحيد الذي وجهه لشعبه لتبرير سياسته المالية.
إعادة توحيد الساحل والمناطق الداخلية
بمساعدة القوات العسكرية البريطانية، نجح السلطان سعيد بن تيمور في إعادة توحيد إقليمي الساحل والمناطق الداخلية، ليقود بعد ذلك قافلة من ظُفار إلى نزوى في إقليم الداخل في ١٩٥٤ لاستعراض سلطته. وبعد ذلك، اعتزل في ظُفار ولم يرجع أبدًا إلى مسقط أو المناطق الداخلية مجددًا.
ومن سخرية القدر، اندلع تمرد في ظُفار حيث كان يقيم ويفرض قيود تافهة على شعبه، وأدى ذلك في النهاية إلى الإطاحة به وإنهاء حكمه. وقد قلقت بريطانيا تجاه تقلُّص نفوذها في الدولة عقب خلعه، حيث دعمت ابنه قابوس، خريج أكاديمية ساندهيرست، في أحداث انقلاب القصر سنة ١٩٧٠. تبع ذلك نقله من معكسر القوات الجوية الملكية البريطانية في صلالة إلى البحرين ومن هناك إلى لندن حيث قضى ما بقي من عمره في فندق دورتشستر.