عرض عام
المقابر الأولى في الخليج
دُفن الموتى البريطانيين بداية في بلاد فارس في المقابر الأرثوذكسية الأرمنية في الغالب. وأقدم قبر بريطاني معروف في بلاد فارس هو قبر ويليام بيل، وكيل شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا في أصفهان، الذي دُفن في المقبرة الأرمنية في جلفا الجديدة في ١٦٢٤. أُنشأت المدافن البريطانية بسرعة في المنطقة، وفي كثير من الحالات في وقت أبكر مما كان عليه الحال في بعض أجزاء أوروبا الكاثوليكية. وبحلول ستينيات القرن الثامن عشر، كانت هناك بالفعل مدافن أوروبية في مناطق عدة في الخليج، منها المدافن في المخا وبندر عباس، ولكن استمرت عمليات الدفن الفردية غير الرسمية في الأماكن التي لم تكن فيها مقابر قائمة.
التأسيس
في عام ١٨٢٥، حاولت الحكومة البريطانية تنظيم المدافن في منطقة الخليج من خلال إلزام القناصل بإنشاء المدافن من أجل الجاليات البريطانية المحلية. وأشار إنشاء المقابر رسميًا إلى نية بريطانيا في المكوث في المنطقة لفترة طويلة. وقد اعتُبرت هذه المقابر مقابر علمانية، وارتبطت بشكل أوضح بهوية بريطانية أو أوروبية، بدلًا من الانتماء الديني. وكان ممكنًا دفن المسيحيين من أي طائفة كانوا بالإضافة إلى غير المسيحيين في تلك المقابر. وبخلاف المقابر في إنجلترا، كانت هذه الأماكن تقع عادة خارج المدن، ولم تكن متصلة بالكنائس والأبرشيات.
أُنشأت معظم المقابر على أراضٍ منحها الحاكم المحلي مجانًا، لكن كانت شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا تطلب أحيانًا مدفنًا عند تأسيس وكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. . فعندما تأسست وكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. في البصرة عام ١٧٦٣، دفع شيخ بوشهر ثمن حديقة ومدفن. واستمرت عمليات دفن منفصلة في الحدوث لفترة طويلة من الزمن، لأفراد مثل أعضاء إدارة التلغراف الهندو-أوروبية الذين لقوا حتفهم أثناء بناء خط التلغراف ودُفنوا في مكان موتهم.
وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، ومع وصول الجماعات التبشيرية إلى الخليج، بدأت تتغير الطبيعة العلمانية للمقابر البريطانية في الخارج. حيث قُدّست المقابر التي كانت علمانية في البداية، مما جعلها مواقع مسيحية بشكل جليّ. ومع ذلك، فإن المقابر التي أنشأتها الجمعية الإرسالية الكنسية في لندن والإرسالية الأمريكية العربية في أصفهان وكرمان وشيراز وطهران ويزد وهمدان كانت لا تزال مسكونية، حيث يبدو أن الانقسامات الدينية التي استمرت في أوروبا لم تكن صارخة في الخليج. فعلى سبيل المثال، عندما توفي أندرو جوكز في أصفهان في عام ١٨٢١، دُفن في كاتدرائية المخلص، الكنيسة الأرمنية. وأقام رفيقه صلاة الجنازة الأنجليكانية فوق قبره بعد القدّاس الأرمني الأرثوذكسي.
انقسام حول الخطوط الوطنية
في بعض الأحيان، كان لمجموعات محددة مدافن خاصة بها، مثل فيلق العمال الصينيين في المعقل، الذي كان لديه مقبرة صينية في عام ١٩١٧. ومع ذلك، أدَّت مِنَحُ الأراضي إلى "الجماعة الأوروبية"، كما هو الحال في مسقط، إلى مشاكل عندما وصل المزيد من المسيحيين غير الأوروبيين إلى الخليج (IOR/R/15/6/454، ص. ١٠و). وفي المقبرة البريطانية في بغداد، ساهم انهيار الجدار في فيضانات ١٩٠٦-١٩٠٧ في تبرير بناء توسعة للمقبرة، مما سمح بدفن البروتستانت غير الأوروبيين هناك، في حين كانت في السابق مخصصةً للأوروبيين حصرًا.
التمويل
كانت الجاليات المحلية البريطانية تحاول جمع الأموال من خلال الاشتراكات من أجل الصيانة العامة للمقابر، ولكنها كانت تلجأ أيضًا إلى المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ البريطاني في الخليج الفارسي، أو إلى الحكومة في الهند من أجل الأمور التي تتطلب نفقات أكبر. وعندما وصلت البعثات إلى الخليج، ساهمت أيضًا في التكاليف الأساسية، ولكنها اضطرت في كثير من الأحيان إلى أن تطلب المال من الحكومة البريطانية. وبعد عام ١٨٨٨، أمرت الحكومة البريطانية بوقف المنح المقدمة للمقابر المدنية، ولكن استمر تقديم الأموال في الأماكن التي كانت تفتقر إلى عدد كبير من المقيمين البريطانيين.
وكانت هذه الأماكن تكافح باستمرار من أجل المال، وغالبًا ما كانت تسعى وراء الموارد المالية الخاصة. ففي عام ١٩٣١، كانت المقبرة في الكويت في حالة سيئة لدرجة أن الدفن كان يتم في البصرة بدلًا من الكويت. ولم ينتج عن جهود مجموعة من الشركات التي كان لديها موظفون مدفونون هناك، ونداء صحيفة في بريطانيا ما يكفي من المال لإصلاح المقبرة. ولم تنشأ مقبرة الكويت إلا في عام ١٩١٣، في حين جرت عمليات دفن سابقة في مجمع الإبل التابع للوكالة السياسية. وحتى عندما كان لدى الجالية البريطانية في جدة ما يكفي من المال لتحسين المقبرة، فقد قررت أن مثل هذه الأعمال من شأنها أن تجعلها هدفًا لأعمال تخريب.
مناطق التوتر
كثيرًا ما كانت المقابر هدفًا للمخرّبين، مما دفع في بعض الأحيان إلى نقل القبور من أجل حمايتها. وفي بعض الحالات، سُرقت شواهد قبور. ففي عام ١٩٤٢، طلب القنصل البريطاني في مسقط إعادة شاهد قبر لرجل توفي في عام ١٩١١، حيث عُثر على شاهد القبر في أرضية منزل مُلّا هناك. وبين عامي ١٩٣٤ و١٩٣٩، اختفى عشرون شاهدًا من شواهد القبور المنقوشة باللغة الإنجليزية من المقبرة الأرمنية القديمة في شيراز. وعندما فُقد شاهدان آخران في غضون أسبوعين، أمر القنصل البريطاني بنقل الشواهد الثلاثة الباقية إلى المقبرة البريطانية الجديدة لأنها كانت مُسيَّجة ولها بوابة.
ويمكن أن يؤدي تغيير الظروف إلى توترات جديدة. فلقد تأسست مقبرة أكبر آباد البروتستانتية في أواخر القرن التاسع عشر في قرية معزولة، ولكن مع توسُّع طهران أصبحَت القرية ضاحيةً. وبحلول ستينيات القرن العشرين، كان لا بدّ من نقل المقبرة إلى مكان آخر، حيث اعترض السكان على وجود مقبرة قريبة جدًا من منازلهم. بيد أن دفن الموتى المسيحيين لم يكن نقطة الخلاف الوحيدة. فعندما كان المسؤولون البريطانيون يستفسرون عن إنشاء مقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. في عدن، كان رفْض السلطان السماح للهندوس بحرق موتاهم مشكلةً أيضًا.
وعندما تم تسليم قاعدتي باسعيدو وهنجام البحريتين إلى إيران في عام ١٩٣٥، اشترطت بريطانيا أن تستمر إيران باحترام المقبرتين والسماح بالوصول إلى القبور لإصلاحها. وأصبح نقشٌ في مقبرة باسعيدو يُظهر عبارة "باسعيدو البريطانية" نقطة نزاع، حيث أراد المسؤولون الإيرانيون مسح ذلك النقش، فاعترض القنصل البريطاني.
اللجنة الإمبراطورية للمقابر الحربية
أُنشئت اللجنة الإمبراطورية للمقابر الحربية في الحرب العالمية الأولى للاهتمام بقبور الجنود. واعتزمت اللجنة تجميع قبور قتلى الحرب في مكان واحد لتسهيل الاهتمام بها. ولكنْ كانت القبور في الخليج متناثرة على نطاق واسع، وغالبًا ما كانت موجودة في مقابر مدنية. وعلى الرغم من نقل الجثث في كثير من الأحيان إلى مقابر حربية محددة، إلا أن بعضها ظلت في مكانها في مقابر مدنية. وكان من بين هذه الجثث جثتان في مسقط، حيث شَحنت لجنة المقابر الحربية شاهدَي قبر لهما في عام ١٩٢٦. وكان الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية مسؤولًا عن نقل الأحجار ونَصْبها، وكانت اللجنة تدفع ثمنها. كما اتخذت شركات النفط ترتيباتها الخاصة بشأن الموتى، وعادة ما كانت تعيد جثثهم أو رماد جثثهم إلى الوطن، وقد سهَّل ذلك امتلاك شركة نفط البحرين (بابكو) محرقة خاصة بها في عوالي.
أهمية القبور
من السهل عند النظر في الأمور السياسية لهذه المناقشات أن ننسى أهمية القبور بالنسبة لأُسر الأفراد المدفونين. فوثائق مكتبة قطر الرقمية تضم وثيقة لأرملة تطلب صورة لقبر زوجها في مسقط، ووثيقة لأبوين يدفعان أموال سنويًا لري الزهور التي على قبر ابنهما، ووثيقة أخرى فيها وصف مفصَّل لقبر ابنة رضيعة في كرمان. ومن الواضح أن العائلات ظلت متمسكة بقبور أقاربها في الخليج، على الرغم من المسافة البعيدة التي تفصل بينهم في كثير من الأحيان.