عرض عام
دخلت العلاقات بين لندن والدوحة عصرًا جديدًا على إثر امتياز النفط القطري، الذي منحه حاكم قطر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني لشركة النفط الأنجلو-فارسية سنة ١٩٣٥. وقد كان لعرض الحماية العسكرية البريطاني دورٌ كبيرٌ في الدفع بالمفاوضات مقابل امتلاك حقوق حصرية للتقدم للحصول على الامتياز. والواقع أنه في مطلع ربيع سنة ١٩٣٤، كانت الحكومة البريطانية قد بدأت البحث في كيفية تقديم حماية كهذه. وقد تقرر قيام سلاح الجو الملكي باستطلاع جوي لشبه جزيرة قطر في ٩ مايو ١٩٣٤ بهدف تحديد مهابط طائرات مناسبة، وإن كان هناك هدف آخر تمثل في ترك انطباع قوي لدى الشيخ عبد الله.
الاستطلاع الجوي
في غمرة التحضيرات للاستطلاع الجوي، نُوِّه إلى الحاجة إلى صور مائلة لكافة مواقع الهبوط وآبار المياه، وشمل ذلك موقعًا محتملاً غرب الدوحة وآبارًا بجوار بلدة الدوحة.
بدأت عملية الاستطلاع كما كان مخططًا لها، في الساعة ٢:٠٥ صباحًا بتوقيت غرينيتش في ٩ مايو ١٩٣٤. حيث أقلعت أربع طائرات من طراز وابيتي من الأسطول الجوي ٨٤ التابع لسلاح الجو الملكي من المحرق، البحرين، إضافة لطائرتين مائيتين من الأسطول الجوي ٢٠٣. استمر الاستطلاع بالمجمل أربع ساعات وعشرين دقيقة.
كان الاستطلاع بقيادة كابتن المجموعة ريتشارد إيرنست سول، بتنسيق كامل مع الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية في البحرين، المقدم بيرسي جوردون لوك، الذي كان أيضًا على متن إحدى الطائرات المائية. وما إن استكملت المهمة حتى هبطت الطائرتان المائيتان في الدوحة، حيث كان في استقبالهما هناك السفينة الملكية شورهام والسفينة الملكية بيديفورد. وفي صباح ١٠ مايو، اصطحب كابتن المجموعة سول المقدم لوك وقائد السفينة الملكية بيديفورد في زيارة إلى الشيخ عبد الله.
النتائج: تلالٌ كبيرة ومهابط للطائرات
أصدرت قيادة سلاح الجو الملكي في العراق تقريرًا عن الاستطلاع في وقت لاحق من ذلك الشهر، وأرسلته في البداية إلى وزارة الطيران، التي بدورها أرسلت نسخًا منه إلى مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. ووزارة الخارجية ومكتب الحرب والأميرالية، بالإضافة إلى لجنة الدفاع الإمبراطوري.
يشير التقرير إلى وجود "موقعٍ مقبول نسبيًا" ليكون مهبطًا للطائرات قرب قصر الشيخ في قلعة ريان [قلعة الوجبة في الريان]، على بعد حوالي سبعة أميال غرب الدوحة. يذكر التقرير كذلك مواقع محتملة قرب الكرعانة وسلوى، غير أنه يوصي بالحاجة إلى استطلاع على الأرض لتأكيد مناسبتها من عدمها (IOR/L/PS/12/1956، ص. ٢٥و). أضف إلى أنه بالرغم من إجراء مسح أرضي للمنطقة المجاورة مباشرة للدوحة، "لم تتم الإشارة إلى أي منطقة مناسبة للهبوط" (ص. ٢٨و). ويشير التقرير إلى أنه في أمكنة أخرى "شكلت الرمال الناعمة تلالًا كبيرة بما يكفي لتحول دون الهبوط الآمن على كامل تلك المنطقة من البلاد تقريبًا" (ص. ٢٧و).
دوحة مختلفة جدًا
تتضمن نسخة التقرير لدى مكتب الهند خمس عشرة صورة التُقطت أثناء الاستطلاع، إضافة إلى رسم استشفافي لشبه جزيرة قطر بأكملها يظهر إجراء تعديلات على خريطة أقدم للخط الساحلي. وتعتبر هذه الصور واحدةً من أقدم الصور المأخوذة لقطر من الجو. ومن بين المعالم البارزة التي تم التقاطها قلعة ريان وقصر الدوحة، حيث يظهر الأخير بتفصيل دقيق على نحو لافت.
غير أن أكثر الصور إثارة للاهتمام هما صورتان لبلدة الدوحة، والتي لا تشبه العاصمة فائقة الحداثة الآن إلا في القليل.
نقطة تحول
تبع ذلك إجراء مسوحات جوية أخرى لقطر، حيث أُجري استطلاع آخر في أكتوبر ١٩٣٥، وإن كان لأسباب مختلفة نوعًا ما. إلا أن ما احتوى على الصور الأكثر إثارة هي المجموعة الصغيرة للصور التي تعود لمايو ١٩٣٤، والملتقطة قبل أكثر من عام من منح امتياز النفط. حيث تقدم هذه الصور لمحة نادرة لبلد يقترب من لحظة حاسمة في تاريخه، لحظة قد تقلب كلاً من ثرواته ومعالمه الطبيعية رأسًا على عقب.