عرض عام
كانت أشكال الرق التي واجهها المسؤولون البريطانيون في شبه الجزيرة العربية والمحيط الهندي مختلفة تماماً عما أسسته بريطانيا لتحقيق مصالحها الخاصة في الأطلنطي حيث نقلت السفن البريطانية العبيد من أفريقيا إلى الأمريكتين لتشغيلهم في مزارع السلع الغذائية مثل السكر والتبغ.
الرق الاجتماعي أكثر من التجاري
في شبه الجزيرة العربية والخليج، واجه البريطانيون نوعاً من الرق يزيد تأصله من الجانب الاجتماعي عن الجانب التجاري. ورغم أن العبيد كانوا يُجلبون من مناطق بعيدة مثل شمال أفريقيا وشبه القارة الآسيوية، إلا أنهم كانوا مندمجين بشكل عام في المجتمع، حيث حُولوا - قسراً في الغالب - إلى الإسلام وعاشوا إلى جانب العائلات التي كانوا يخدمونها. وقد حصل الكثير من العبيد على حريتهم في حينه - من أفعال الإحسان التي حث عليها القرآن. وقد شكلت النساء نسبة إماء أعلى مقارنة بالرقيق في المزارع الأمريكية. وعمل معظمهن كخادمات في البيوت، أما معظم الرقيق من الرجال فقد عملوا في الصناعات الاقتصادية الرئيسية بالمنطقة: صيد اللؤلؤ وزراعة النخيل.
محاولات البريطانيين لوضع حد لهذه التجارة
كان وضع حد لتجارة الرقيق أحد أهم المسوغات التي أستخدمها البريطانيون لبسط سيطرتهم على المياه الإقليمية حول شبه الجزيرة العربية بما فيها الخليج. وبالنسبة للمسؤولين البريطانيين، كان نقل الرقيق عبر البحار جزءاً من الطبيعة غير المتحضرة لسكان المنطقة. وساعد فرض عقوبات على القرصنة واستئصال تجارة الرقيق على بسط النظام بهذه المنطقة، ومن ثم سلامة سفن بريطانيا وطرق التجارة من المحيط الهندي الغربي إلى الهند.
ما بين ستينيات وتسعينيات القرن الثامن عشر، قطعت البحرية البريطانية أميالاً طويلة لكبح تجارة الرقيق بين شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. وقد وقّعت الحكومة البريطانية على اتفاقيات حظر تجارة الرقيق مع سلطاني زنجبار ومسقط وشاه فارس وغيرهم من الحكام في الخليج. ولكن المسؤولين البريطانيين لم يتخذوا أي خطوة للاشتراك في عملية إلغاء الرق. لهذا وبينما تم حظر تجارة الرق، لم يُحظر ملكية الرق. وفي المقابل، زادت نسبة الرقيق في الخليج والمولودون في الرق (المشار إليهم باسم عبيد المنازل) مقارنة بعدد الرقيق المستوردين.
أصبح كبح الاسترقاق وإلغاؤه يشغل الاهتمام الدولي بشكل متزايد بداية من أواخر القرن الثامن عشر. حيث أيد القانون العام لمؤتمر بروكسيل لسنة ١٨٩٠ زيادة تدخل القوى الأوروبية لكبح الرق في الدول الخاضعة لامبراطورياتهم. وقد سعى الموقعون على اتفاقية عصبة الأمم الخاصة بحظر الرق سنة ١٩٢٦ إلى "القضاء النهائي على الرق في كافة أشكاله".
على إثر الإجماع الدولي المتنامي بشأن تجارة الرقيق، واجهت المسؤولين البريطانيين مشكلتان منفصلتان. الأولى أن مصائد اللؤلؤ - مصدر الدخل الرئيسي في الخليج - كان تعتمد بدرجة ما على العمالة من العبيد. الثانية أن الرق داخل المنازل كان جزءاً مقبولاً ولا يتجزأ من حياة السكان في المنطقة، وكان المسؤولون البريطانيون غير مستعدين للدخول في نزاعات تمتد إلى عبيد المنازل.
المحاولات البريطانية للوساطة بشأن الرق
في ١٩١٢، وضع المقدم بيرسي زخاريا كوكس المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ بالخليج الفارسي مجموعة من الإرشادات الخاصة بإعتاق الرقيق تمكن المسؤولين البريطانيين من خلالها أت يمنحوا الرقيق حريتهم في ظروف معينة. وكانت طلبات الإعتاق تُنظر في مقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. بوشهر والوكالات السياسية بالبحرين ومسقط والكويت وكان يتولى النظر فيها أيضاً وكيل المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. في الشارقة. وقد اعتُبر الإسترقاق في البلاد التي تم فيها توقيع اتفاقيات مع الحكومة البريطانية بعد تاريخ توقيع الاتفاقيات إسترقاقاً محظوراً وأن الرقيق يستحقون الإعتاق. أما من تم إسترقاقه قبل توقيع أي اتفاقية أو كان من عبيد المنازل فلم يمكن تحريره إلا إذا ثبت أن مالكه يعامله بقسوة.
كانت تُمنح شهادة تحرير من الرق للعبيد الذين قُبل طلبهم بالتحرر وهذه كانت الحال في الغالب. ولكن من ناحية التطبيق، كانت هذه الشهادات قليلة النفع أو لا تنفع أصلاً في منع إعادة إسترقاق الأفراد مثلما كان يحدث بين الحين والآخر. ومع ذلك كان الكثيرون يعتبروا هذه الشهاداترمز مهم وملهم للحرية - في بعض الأحيان جازف الكثير من الرقيق وسافروا مسافات طوال ليحصلوا عليها.