عرض عام
في ١١ يونيو ١٩١٠، وصل عبد الرحيم بن أحمد مع اثنين وعشرين من رفاقه إلى البحرين على متن الباخرة وارونغا من بندر لنجة في بلاد فارس. وبمجرد وصوله، صرح عبد الرحيم لمسؤولي الوكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. السياسية بالبحرين بأن كارغوزار (مندوب وزارة الخارجية) في بندر لنجة فرض عليه رسومًا قيمتها قرانان فارسيان فقط (ما يساوي ٤١ جنيهاً إسترلينياً اليوم) على كل رجل مسافر إلى البحرين، بينما بلغت الرسوم المفروضة على السفر إلى دبي أو مسقط عشرين قرانًا (٤١٤ جنيهًا إسترلينيًا).
بمعنى آخر، الرسوم المفروضة على عبد الرحيم ورفاقه كانت الرسوم الأرخص المخصصة للمسافرين بين موانئ فارسية، بالمقارنة مع الرسوم الأغلى المفروضة على الموانئ الأجنبية.
مطالبة بلاد فارس الصريحة للبحرين
أضاف عبد الرحيم أنه كان مطلوب منه أيضًا أن يضمن دفع رسوم مُخفَّضة، وبأن يتوجه فور وصوله إلى البحرين إلى شخص يُدعى حاجي عبد النبي، وهو مواطن فارسي مقيم في المنامة سيوقع على جوازات السفر نيابةً عن السلطات.
يُعد تصريح عبد الرحيم دليلاً على صحة شكوك المسؤولين البريطانيين في الخليج لعدة أعوام أن بعض المسؤولين الفارسيين أعتبروا البحرين ميناءً فارسياً، وكانوا يصدرون تصاريح سفر فارسية بناءً على ذلك. اعتبرت الحكومة البريطانية هذا التصرف مطالبةً صريحة من قبل الحكومة الفارسية بالبحرين، وعبرت عن اعتراضها بهذه المسألة عبر القنوات الدبلوماسية.
لكن البريطانيين فضلوا عدم المبالغة في إعتراضهم. وذلك لأن القضية البحرينية كانت مسألة سياسية حساسة بين حكومات بلاد فارس وبريطانيا، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا التاريخية والمعاصرة والتي شكلت مزيداً من المنعسكات على الوضع.
التوترات في العلاقات الأنجلو-فارسية ودور الدبلوماسية
يرجع تاريخ التوترات في العلاقات الأنجلو-فارسية بشأن البحرين إلى سنة ١٨٢٠ عندما وقعت بريطانيا على معاهدة الهدنة البحرية مع آل خليفة في البحرين. اعترضت بلاد فارس على العلاقة بين بريطانيا والبحرين، وبدأت تؤكد مجددًا على مطالبتها التاريخية بالجزر. وفي ١٨٢٢، وقع المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ البريطاني النقيب وليام بروس على اتفاق مع السلطات الفارسية ينص بوضوح على أن البحرين كانت "تابعة دائمًا لإقليم فارس".
أبرم بروس هذا الاتفاق دون إستشارة السلطات البريطانية في الهند، لذلك أقاله رؤساؤه في بومباي من منصبه كمقيم بريطاني فوراً ، وظلت معاهدة ١٨٢٢ تمثل نقطة خلاف بين بلاد فارس وبريطانيا لمدة قرن، مع إصرار الأولى على سريان الاتفاق، فيما أصرت الأخيرة على أن الاتفاق لم يتم التصديق عليه رسميًا وبالتالي يعتبر لاغيًا.
على الرغم من الخلافات حول البحرين، حافظت بريطانيا وبلاد فارس على علاقات دبلوماسية ودية إلى حد كبير. كما حافظت بريطانيا على التمثيل الدبلوماسي لدى البلاط الفارسي واستمر عمل المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. البريطانية في الخليج العربي في بوشهر. إضافة إلى ذلك وفي ١٩٠١، قام الملك الفارسي مظفر الدين شاه قاجار بمنح أحد الرعايا البريطانيين، وليام ك. دارسي، امتيازًا للتنقيب عن النفط لمدة ستين عاماً، مما أدى لإنشاء شركة النفط الأنجلو-فارسية.
إنشاء الحكومة البريطانية للوكالة السياسية في البحرين
تزامن إنشاء الحكومة البريطانية للوكالة السياسية بالبحرين في ١٩٠٠ تقريبًا مع الثورة الدستورية في بلاد فارس بين سنتي ١٩٠٥ و١٩٠٧. وفي ١٩٠٦، جددت بلاد فارس مطالبتها بالسيادة على البحرين. وفي ١٩٠٧، أدرك المسؤولون البريطانيون لأول مرة حقيقة إصدار جوازات سفر فارسية محلية للمواطنين الفارسيين المسافرين إلى البحرين.
جاء تصريح عبد الرحيم بعد ثلاث سنوات ليؤكد على هذه الشكوك. تحرك المسؤولون البريطانيون بسرعة لإيقاف حاجي عبد النبي "الذي ينتحل صفة القنصل أو مسؤول الجوازات [الفارسي]"، وهو السلوك الذي كان - بحسب المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ السير بيرسي كوكس - "مرفوضًا بشدة" من جانب شيخ البحرين والحكومة البريطانية على السواء.
على الرغم من هذه الاتهامات والاعتراضات، ظل المسؤولون البريطانيون مترددين في معاقبة عبد النبي بأي شكل قد يزعج الحكومة الفارسية، أو الأغلبية الفارسية في البحرين. وبمجرد اكتشافهما لتصرفاته، سعى كل من المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ النقيب ديفيد لوريمر وحاكم البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة جاهدين لتحديد أفضل طريقة لمعاقبة حاجي عبد النبي.
وانتهى الأمر بتجنب كل من لوريمر والشيخ عيسى فكرة ترحيل عبد النبي نتيجة لرغبة الأول في تجنب تأجيج الوضع الداخلي الذي كان بالفعل "متشابكًا وصعبًا للغاية"، ورغبة الأخير في مراقبة أعدائه من قرب. وبدلاً من ترحيله، طلب من عبد النبي تقديم الضمانات لحُسن سلوكه في المستقبل.