عرض عام
فعلى الرغم من أن الملكة فيكتوريا لم تطأ قدمها أرض الإمبراطورية التي تربعت على عرشها حيث نالت لقب إمبراطورة الهند في ١٨٧٧، إلا أن وجودها كان واضحاً من عدة نواحٍ؛ فوجهها كان مطبوعًا على العملة والطوابع البريدية، بينما كانت صور وتماثيل الملكة متواجدة في المباني الإدارية المنتشرة في شتى أرجاء الإمبراطورية.
علاوة على ذلك، كان عيد ميلادها في ٢٤ مايو "حدثًا تاريخيًا"ومناسبة تستحق الاحتفال. وفي المقيميات والوكالات مثل المقار الرئيسية لإدارة المستعمرات البريطانية والمقيمية السياسية في الخليج العربي في بوشهر، تزينت ساريات العلم وأُطلقت القذائف التشريفية من المدافع، كما عبّرت الخطابات المجامِلة المُرسلة إلى المسؤولين المحليين مثل أحمد خان، حاكم بوشهر عن مشاعر "الوحدة"و"الصداقة".
عندما توفيت الملكة فيكتوريا في ٢٢ يناير ١٩٠١، لم يقتصر الشعور بالخسارة الفادحة على بريطانيا وحدها بل عمّ جميع أرجاء الإمبراطورية. وكما أشار جون وولف في كتابه وفيات قديرة، كانت ردود الأفعال "فورية وملموسة"وغارقة في "المزاج الحزين بالإضافة إلى توقف الأنشطة الطبيعية". وانعكس هذا الجو في عادات الحداد والتأبين - التي ارتبط العديد منها بالملكة الراحلة عند حدادها على زوجها الأمير ألبرت - التي جرت في جميع أنحاء الإمبراطورية لتخليد وفاتها.
الحداد: تعليمات إلى أحد الوكلاء المحليين
عندما بلغ نبأ وفاة الملكة المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. البريطانية في بوشهر، نُقلت التفاصيل إلى شبكة وكلائها المحليين في كلٍ من الساحلين العربي والفارسي، بما في ذلك خان بهادور عبد اللطيف، وكيل المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. البريطانية في الساحل المتصالح مسمى استخدمه البريطانييون من القرن التاسع عشر حتى ١٩٧١ للإشارة لما يُعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة. بالشارقة، المعروفة حاليًا بدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد كتب ويليام س. ديفيز، المساعد الأول للمقيم السياسي، ما يلي:
ببالغ الحزن والأسى أمرني المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ والقنصل العام بإحاطتكم علمًا بوفاة صاحبة الجلالة الملكة فيكتوريا، ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا وإمبراطورة الهند في ٢٢ يناير ١٩٠١.
وبينما نُقلت هذه الأخبار الحزينة إلى شيوخ الساحل المتصالح مسمى استخدمه البريطانييون من القرن التاسع عشر حتى ١٩٧١ للإشارة لما يُعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة. وغيرهم من الأعيان، أظهر الخطاب ذاته تعليمات الحداد التي يتعين على الوكيل المحلي وكلاء غير بريطانيين تابعين للحكومة البريطانية. شخصيًا مراعاتها. فعلى سبيل المثال، يجب أن يتم "تنكيس العلم في الوكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. حتى إشعارٍ آخر".
وفي وقتٍ لاحق، نُقلت صور طبق الأصل من جازيت إكستروديناري إلى عبد اللطيف مرفق بها المزيد من التعليمات التي أوصت بما يلي: "يلتزم جميع الأشخاص بالحداد التام حتى ٦ مارس والحداد الجزئي حتى ١٧ أبريل". وعلاوة على ذلك، "يضع مسؤولو الخدمات المدنية والعسكرية والبحرية الملكية شريطًا من القماش الرقيق على الذراع الأيسر حتى ٢٤ يوليو وذلك أثناء ارتدائهم للزي الرسمي".
وفي ١ مارس، نقلت المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. إلى عبد اللطيف [رزمتين] من ورق الفولسكاب ذي الحواف السوداء، تُخطره بأنه "يتعين عليك استخدام هذا الورق في جميع مراسلاتك الرسمية حتى ٢٤ يوليو ١٩٠١".
الخلافة والتتويج
عقب وفاة الملكة فيكتوريا، أُعلِن على الفور تتويج ابنها، ألبرت إدوارد، حيث نال لقب الملك إدوارد السابع للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا وإمبراطور الهند.
وفي شهر مايو من العام التالي، كتب الكابتن هانت مجددًا إلى عبد اللطيف يخطره بتاريخ تتويج "صاحب الجلالة الملك إدوارد السابع"في ٢٦ يونيو ١٩٠٢ والذي من المقرر "اعتباره عطلة عامة". غير أنه وبموجب إخطار عاجل، جرى تأجيل تاريخ التتويج حتى ٩ أغسطس ١٩٠٢ حيث أُصيب الملك بخراج بطني استلزم إجراء جراحة فورية.
ضائع في الترجمة؟
يحظى العديد من تلك العادات بأصول بريطانية أو أوروبية على نحوٍ مميز ولربما ضاعت في خضم ترجمتها الملتبسة إلى العربية أو بدا أنها غامضة ثقافيًا لسكان الساحل المتصالح مسمى استخدمه البريطانييون من القرن التاسع عشر حتى ١٩٧١ للإشارة لما يُعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة. في مطلع القرن العشرين.
وكما أشار برنارد س. كون، فإن الإلتزام بتلك الممارسات شكّل بالفعل "أساليب تعبير عن طقوس ومراسم" لإثبات وتوضيح وجود السلطة الإستعمارية البريطانية في البلاد. وقد ساعدت تلك الطقوس في تحديد موضع كلٍ من مديري المستعمرات في المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. البريطانية في بوشهر والوكلاء المحليين مثل عبد اللطيف في تدرج الكوادر،على رأسها الملكة-الإمبراطورة.
ومن المستحيل على وجه الدقة معرفة كيفية وإلى أيّ حدّ قام عبد اللطيف بترجمة واتباع ممارسات الحداد تلك، غير أن الخطاب الذي أرسله إلى المقيم بتاريخ ٢٧ أبريل ١٩٠١ / ٥ محرم ١٣١٩، والمكتوب على الورق ذي الحواف السوداء المخصص للحداد والذي أمدته المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. به، يظهر أنه وعلى أقل تقدير قام بما يمليه عليه واجبه باتباع التعليمات.