عرض عام
قراصنة أم تجار؟
كانت سفن شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا في المحيط الهندي عرضةً لهجمات في البحر لسنوات عديدة، وفي الكثير من الأحيان، كانت تنفذ هذه الهجمات سفن يعمل عليها طواقم بحارة عرب من الخليج. بيد أن تحديد هوية الخصوم لم يكن بالأمر السهل. فعلى سبيل المثال، في ٢٢ نوفمبر ١٨٠٨، اعترضت أربع سفن عربية سفينة الشركة "لايفلي" قبالة الساحل الشمالي الشرقي للهند، قرب مانجرول، وحدث تبادل لإطلاق النار. وصلت هذه السفن لاحقًا إلى مرفأ سورات، حيث تم احتجازها وتفتيشها. أحصى تقرير أعده الملازمان جون هول وجيمس واتكنز، الأسلحة والذخيرة التي كانت على متن كل سفينة، مقدمين ذلك كدليل على أن السفن كانت تُضمر نوايا عدوانية. غير أن القبطان روبرت بودن، العميد البحري في محطة سورات، لم يكن مقتنعًا بذلك، حيث صرّح "أنه من المستحيل القول ما إذا كانت [السفن] في بعثة قرصنة أو تجارة، ربما الاثنتين معًا" (IOR/F/4/288/6503، ص. ١٠٤و).
يلخص هذا التعليق الصعوبة التي يواجهها أولئك الذين يحاولون حل مشكلة "القرصنة" في المحيط الهندي وهي عدم إمكانية التمييز الدقيق بين "القراصنة" والتجار في حركة الملاحة البحرية. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت السفن التي تحمل جميع أنواع الأعلام، بما فيها السفن البريطانية، استعدادها لاستخدام القوة لكسب أفضلية على منافسيها. لذلك كان التصدي البريطاني للقرصنة يجري تدريجيًا عبر مواجهة المعتدين بشكل منفرد متى وحيثما وجدوا.
انتشار الوهابية
بدأ هذا الأمر يتغير مع ارتباط مشكلة القرصنة بتهديد آخر متوقع على المصالح البريطانية، وهو صعود إمارة الدرعية (الدولة السعودية الأولى). بعد تأسيسها سنة ١٧٤٤، توسعت الإمارة عبر شبه الجزيرة العربية، إلى أن بلغت ساحل الخليج وضمت عددًا من القبائل هناك، أبرزها قبيلة القواسم إحدى الأسر الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى ائتلافٍ من البحّارة العرب قادته قبيلة القاسمي من رأس الخيمة. أو القاسمي، المتمركزة في رأس الخيمة.
في سنة ١٨٠٨، كان النقيب ديفيد سيتون، المقيم البريطاني في مسقط، قد عاد إلى منصبه بعد غياب سنتين، وأثار قلقه تزايد نفوذ الدولة السعودية الجديدة ونسختها الإسلامية المعروفة بالوهابية. ففي سلسلة من التقارير التي لا تخلو من المخاوف، يسلط سيتون الضوء على الخطر الذي تمثله الحركة الوهابية، واصفًا إياها بـ "نظام القرصنة الذي يهدد بتوسيع نطاقه عبر كامل الجزيرة العربية" (ص. ١٢٢و). يدعي سيتون أن الوهابيين أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. كانوا يمارسون الضغوط على التجار العرب لشن هجمات على السفن في الخليج وما وراءه. ردًا على ذلك، طلب إمام مسقط المساعدة من بريطانيا للدفاع عن أراضيه. ويؤكد سيتون على أن هذا الطلب "يستحق الدراسة من الحكومة ويتطلب اتخاذ قرار فوري، إذ سيترتب عليه ما إذا كانت دولة مسقط سيؤول بها الأمر، شأنها شأن القواسم، إلى أن تصبح دولة قراصنة أو أن تبقى دولة تجار".
وإن كان يُنظر إلى القرصنة والتجارة سابقًا على أنها مشاريع متداخلة، فإن سيتون يقدمهما على أنهما على طرفي نقيض. حيث لم يعد يُنظر للقرصنة على أنها نشاط فردي لسفن تحاول الحصول على مكاسب تجارية، وإنما استراتيجية متعمدة لدولة سعودية تتوسع بلا هوادة في إطار سعيها لنشر الوهابية أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. . و"لذلك يجب التذكر عند إصدار أي أوامر للعمل ضد القراصنة أنهم والوهابيين واحد" على حد تعبير سيتون.
استخبارات من الجزيرة العربية
بالإضافة إلى المناشدة التي أرسلها إمام مسقط، تسلمت بومباي التماسًا من حاكم المخا، حيث كان لشركة الهند الشرقية وكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. هناك. ادعى الحاكم أن الوهابيين أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. استطاعوا من قاعدة في مرفأ الحديدة "ممارسة استبدادهم على المسافرين عبر البحر وارتكاب عمليات نهب تطال من يقصد مرفأ المخا" (ص. ١٣٧ظ). نتيجة لذلك أصبح المرفأ في حالة انحدار، وطلب الحاكم المساعدة البريطانية لاستعادة أمن وازدهار المرفأ.
أرفق الحاكم مع رسالته تقريرًا أعدّه تاجر محلي اسمه إبراهيم بركار. بعد عودته مؤخرًا من الحج إلى مكة، يصف بركار الأعمال العدائية التي واجهها برفقة الحجاج الآخرين في الأراضي التي يسيطر عليها السعوديون، وينقل تقارير إضافية عن العنف الذي رافق التوسع السعودي. ويختتم تقريره على نحو متشائم، مشيرًا إلى أن نوايا الوهابيين أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. "موجهة ضد الهند".
يجمع تقرير بركار بين خبراته المباشرة واستخبارات محلية وأقاويل عن التجاوزات السعودية، مضفيًا بذلك طابع القوة والعجلة على التماس حاكم المخا بوجوب التدخل البريطاني. وبهذه الصورة، توافق تقريره مع القلق الذي كان جليًا في التقارير البريطانية حول انتشار الوهابية أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. .
سياسة "أعمّ وأكثر فاعلية"
بالرغم من شح معلومات شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا عن الدولة السعودية أو المعتقدات الوهابية، فإن المعلومات التي تم الحصول عليها فاقمت مخاوفهم. وهذا بدوره أدى إلى تغير في كيفية مناقشة القرصنة، فالمصطلح لم يعد يُستخدم لوصف هجمات محددة على الملاحة البريطانية، بل للإشارة إلى عمليات أوسع، كتلك المرتبطة بالقواسم على وجه التحديد. هذا ويقول سيتون إنه في حال لم يوضع حد لها، "فسيُقضى على تجارة الخليج والبحر الأحمر قضاءً مبرمًا، وستصبح تجارة ساحل مالابار معرضة لعمليات نهب مستمرة من عدو مستميت ومتطرف" (ص. ١٢٢ظ).
على إثر تلقيها لحجم متزايد من التقارير التي تسلط الضوء على الخطر الذي يشكله "القراصنة" القواسم، أعلنت حكومة بومباي حوالي ١٦٦٨-١٨٥٨: إدارة شركة الهند الشرقية في مدينة بومباي [مومباي] وغرب الهند. ١٨٥٨-١٩٤٧: تقسيم فرعي تحت حكم الراج البريطاني، كان معنيًا بالعلاقات البريطانية مع الخليج والبحر الأحمر. في يونيو ١٨٠٩ بأن الحاجة قد أصبحت الآن ماسة لاتخاذ "سلسلة إجراءات أعمّ وأكثر فاعلية لقمع أعمالهم العدوانية" (ص. ٦٨ظ). وستشكل هذه الإجراءات الأساس الذي سيبنى عليه التواجد السياسي والعسكري لبريطانيا في الخليج للـ ١٥٠ عامًا القادمة.