نزاع دبلوماسي محرِج في بغداد، ١٨٤٧

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

أصبح امتلاك ميدالية "وسام الأسد والشمس" موضوع نزاع غير لائق، كما يروي المبعوث البريطاني في طهران.

قصص دبلوماسية

تحتوي الرسائل في سجلات مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. أحيانًا على قصص ليس فيها جدية المسائل السياسية والدبلوماسية المعتادة. حيث يمكنها تقديم رؤية غنية عن الحياة الدبلوماسية، والتي قد تكون ممتعة في بعض الأحيان. هذا، وتم الكشف عن إحدى هذه القصص في رسالة كتبها العقيد جستن شيل، الوزير المفوض من بريطانيا والمبعوث فوق العادة إلى بلاط طهران. ففي معرض كتابته إلى الفيكونت بالمرستون، وزير الخارجية البريطاني، في ٢٣ أبريل ١٨٤٧، يقول شيل "إن القنصل الفارسي المرشح لبغداد وبعد وقت طويل، قد بدأ رحلته إلى تلك المدينة، مما يتيح فرصة لي وللرائد رولينسون بأن نكون بمنأى عن تلك النزاعات المحرِجة" (IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢٠ظ).

ويتعلق النزاع الذي كان يشير إليه شيل بمصير ميدالية وسام الأسد والشمس. لقد كان هذا الوسام في السابق في حيازة ما يسمى "القنصل الفارسي"، وهو وكيل توفي مؤخرًا في بلاط باشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. بغداد اسمه الملا عبد العزيز. وكان الدبلوماسيون البريطانيون يقومون بالأعمال نيابةً عن طهران بناءً على طلب محمد شاه قاجار، إلى حين تعيين ممثل فارسي جديد في بغداد. ونتيجة لذلك، تورَّط كل من شيل والرائد هنري كريسويك رولينسون، الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية البريطاني في الإيالات العراقية العثمانية مصطلح يشير إلى الإقليم الذي يوازي بالتقريب - وإن كان لا يطابق - العراق اليوم، عندما كان واقعًا تحت سيطرة الدولة العثمانية. المتمركز في بغداد، في نزاع غير لائق بين منفّذي وصية الملا عبد العزيز والقنصل العام الفرنسي، بارون دي فايمار. وكان طرفا هذا النزاع شخصيات لا تقل عن باشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. بغداد والحكومة الفارسية.

وسام الأسد والشمس الإمبراطوري

قدّم وسام الأسد والشمس الإمبراطوري لأول مرة فتح علي شاه قاجار، ومُنِحَ في الأصل للمسؤولين الأجانب نظير خدمات مميزة لبلاد فارس، وخاصة الخدمات العسكرية والدبلوماسية والسياسية.

شعار وسام الأسد والشمس، إيران، حوالي ١٨٤٠-١٨٦٠. متحف الآغا خان©، تورنتو، كندا، AKM627. مُستخدَمة بموجب شروط رخصة المشاع الإبداعي: النسبة-غير التجاري (CC BY-NC)
شعار وسام الأسد والشمس، إيران، حوالي ١٨٤٠-١٨٦٠. متحف الآغا خان©، تورنتو، كندا، AKM627. مُستخدَمة بموجب شروط رخصة المشاع الإبداعي: النسبة-غير التجاري (CC BY-NC)

نظرًا لأصوله الفلكية والتنجيمية القديمة، استخدم الحكام الفرس شكل الأسد والشمس كشعار وطني لقرون عديدة. ومنذ استحداث هذه الجائزة عام ١٨٠٨، اعتُبرت جائزة مرموقة، وفي عام ١٨١٠ أصبح جون مالكوم، المبعوث السابق لشركة الهند الشرقية إلى الشاه، أول شخص يحصل عليها. وحصل عدد من الرعايا البريطانيين على هذه الميدالية فيما بعد، وأضافوا الحروف "KLS" [فارس الأسد والشمس] بعد أسمائهم.

"رغبة في امتلاك هذه الحلية"

بحسب رسالة من شيل، اشترى الملا عبد العزيز الميدالية خلال فترة حياته، لكن المراسلات لم تذْكر لمن مُنحت هذه الميدالية في الأصل. كما أنه ليس من الواضح بالضبط لماذا أصبح القنصل العام الفرنسي "راغبًا في امتلاك هذه الحلية كهدية من الحكومة الفارسية". ربما كان البارون يتصرف نيابةً عن مواطن فارسي آخر لديه مطالبات بتَرِكَة الوكيل المتوفى، أو ربما ببساطة أراد الميدالية لنفسه.

 مقتطف من رسالة من شيل إلى الفيكونت بالمرستون، تسرد تاريخ الوصاية على الميدالية، ٢٣ أبريل ١٨٤٧. IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢٠و
مقتطف من رسالة من شيل إلى الفيكونت بالمرستون، تسرد تاريخ الوصاية على الميدالية، ٢٣ أبريل ١٨٤٧. IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢٠و

مهما كانت دوافع البارون، يقول شيل إنه حصل على أمر من رئيس الوزراء الفارسي، الحاج ميرزا لقب تشريفي كان يُستخدم للأمراء، ثم للقادة العسكريين، ولاحقًا للوزراء وزعماء القبائل وغيرهم من "النبلاء". آقاسي، يؤكد أن البارون يمكنه الاحتفاظ بالحلية وأن الحكومة الفارسية ستعوّض الورثة. ومع ذلك، فقد استند هذا إلى افتراض أن الحلية كانت بحوزة البارون بينما في الواقع كان منفّذ الوصية قد باعها إلى ألكسندر هيكتور وشركاه في بغداد.

مقتطف من رسالة من رولينسون إلى شيل، تشير إلى بيع الميدالية إلى السادة هيكتور وشركاه، ٦ أبريل ١٨٤٧. IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢١و
مقتطف من رسالة من رولينسون إلى شيل، تشير إلى بيع الميدالية إلى السادة هيكتور وشركاه، ٦ أبريل ١٨٤٧. IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢١و

البارون يضغط

حاول البارون دي فايمار منع منفّذ الوصية من مغادرة بغداد. ولكن بناء على طلب شيل، كتب آقاسي إلى رولينسون يطلب منه "حماية منفذ الوصية من المضايقة وإرساله إلى بلاد فارس" (ص. ١٢٠ظ). ردَّ البارون باحتجاج رسمي، مهددًا بتقديم شكوى إلى السلطات العثمانية في القسطنطينية [إسطنبول] بأن حكومة بغداد سمحت "باستخراج الميدالية بشكل غير قانوني" وبيعها (ص. ١٢١و). أصرّ البارون على أن له الحق في التقدم بطلب للحصول على المواد الفردية لتركة الملا عبد العزيز، وأن على حكومة بغداد تعويضه عن خسارته. لقد تحايل، كما كتب شيل، "بطريقة عجيبة جدًا لإخافة الباشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. ليدفع له ٥٠٠ تومان عشرة آلاف دينار فارسي، أو عملة ذهبية بهذه القيمة. [٥٠٠٠ قِران] من أجل الحلية المذكورة أعلاه، والتي تم بيعها للتاجر الإنجليزي مقابل ٧٠ تومان عشرة آلاف دينار فارسي، أو عملة ذهبية بهذه القيمة. [٧٠٠ قِران]" (ص. ١٢٠ظ). لقد اندهش رولينسون أيضًا من جرأة البارون في المطالبة بسبعة أضعاف القيمة الحقيقية للميدالية، وأنه "نجح بالفعل في انتزاع المبلغ المذكور بالعملة الصعبة من محمد نجيب باشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. [الحاكم العثماني في بغداد]، كتسوية معلنة للتنازل عن مطالبته "(ص. ١٢١و). ويشير إلى أن الباشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. ومسؤوليه أخفوا عنه التسوية "بلا شك من إحساسهم بالإذلال" (ص. ١٢١ظ).

صورة للسير هنري كريسويك رولينسون، ١٨٦٠. حصل رولينسون على ميدالية الأسد والشمس بنفسه عام ١٨٤٤. معرض الصور الوطني، لندن، NPG D39216. مُستخدَمة بموجب شروط رخصة المشاع الإبداعي: النسبة-غير التجاري (CC BY-NC)
صورة للسير هنري كريسويك رولينسون، ١٨٦٠. حصل رولينسون على ميدالية الأسد والشمس بنفسه عام ١٨٤٤. معرض الصور الوطني، لندن، NPG D39216. مُستخدَمة بموجب شروط رخصة المشاع الإبداعي: النسبة-غير التجاري (CC BY-NC)

صفقة سرية؟

كان رولينسون مرتابًا في أن "صاحب السعادة الذي يشتهر ببخله الشديد، يمكنه حقًا اقتراح أن يتم تغريمه بمبلغ ٥٠٠٠ قِران على هذا النحو بدون أي سبب" (ص. ١٢١ظ). ويعادل هذا المبلغ حوالي ١٣٠٠٠ جنيه إسترليني بالعملة المستخدمة اليوم. لقد تكهَّن رولينسون بأنه لا بد أن يكون قد تم التوصل إلى صفقة: إما أن يضطر البارون إلى إعادة الأموال إلى الباشا، أو الحصول على أمر لمنفّذ الوصية لاستعادة الحلية وتقديمها للبارون. والفشل من جانب منفّذ الوصية سيؤدي إلى غرامة ٥٠٠٠ قران، والتي ستعود إلى الباشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. .

مقتطف من رسالة رولينسون، يبدي فيه اندهاشه من قيام الباشا بدفع "٥٠٠٠ قِران" لتسوية المطالبة بالميدالية. IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢١ظ
مقتطف من رسالة رولينسون، يبدي فيه اندهاشه من قيام الباشا بدفع "٥٠٠٠ قِران" لتسوية المطالبة بالميدالية. IOR/L/PS/5/450، ص. ١٢١ظ

لا تقدّم رسائل رولينسون وشيل هنا إلا لمحة صغيرة عن القصة الكاملة. وليس من الواضح إذا كان البارون قد حصل على ميداليته، ولا الأسباب التي جعلته يضعها نصب عينيه في المقام الأول. وإذا كان يتصرف نيابة عن مواطن فارسي آخر، فنحن لا نعرف مَن كان هذا المواطن الفارسي. ولا يمكننا أن نجزم في سبب سماح الباشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. لنفسه بأن يتم "تغريمه" بمثل هذا المبلغ الضخم من المال. إنّ حكايات كهذه هي حقًا حكايات مُشوّقة، لكنها تترك الكثير من الأسئلة دون إجابات.