عرض عام
في ١١ يناير ١٩٣٧، تم إبلاغ الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية البريطاني في الكويت جيرالد سمبسون ديجوري بأن صاحب مطعم من بشتون، بإسم عبد المطلب بن ماهين، قد اعتُقل على يد السلطات المحلية بتهمة "بيع لحم القطط في مطعمه بدلاً من لحم الضأن".
هل تم بيع لحم القطط بدلاً من لحم الضأن؟
في ضوء كَون عبد المطلب أحد الرعايا البريطانيين فإن اعتقاله كان منافيًا لأحكام المرسوم الملكي البريطاني لائحة يصدرها ملك\ة المملكة المتحدة بناءً على مشورة المجلس الاستشاري الملكي. للكويت (الاتفاق المبرم بين الحكومة البريطانية وحكام الكويت الذي ينظم العلاقة بين الطرفين). تتضح تفاصيل هذه الواقعة في خطاب كتبه ديجوري إلى رئيسه المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ البريطاني في الخليج، ترنشارد كرافن فاول، في ١٨ مارس ١٩٣٧.
وطبقًا لهذا الخطاب فإن ديجوري تكفل بإطلاق سراح عبد المطلب من السجن واحتجزه في الوكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. بدلاً من ذلك.
"ثماني قطط سمان"
وصل في اليوم التالي خطاب من الشيخ أحمد بن جابر الصباح إلى الوكالة إما (١) مركز تجاري تابع لشركة الهند الشرقية؛ أو (٢) مكتب تابع لشركة الهند الشرقية ولاحقًا للراج البريطاني. يقدم "الدليل" ضد عبد المطلب. وطبقًا لهذا الخطاب، فإن إدارة الرقابة البلدية بالكويت قامت بزيارة منزل عبد المطلب و"وجدت قطيع مكوّن من ثماني قطط سمان". وطلب الخطاب موافقة ديجوري على ترحيل عبد المطلب من الكويت. جاء في كلام ديجوري أن "صاحب السمو" قد أدان عبد المطلب و"كان عليّ أن أكون مجرد المسؤول التنفيذي لترحيله".
اتصل مفتش شرطة الشيخ أحمد بالوكالة بعد ذلك بيوم وأخبره ديجوري أنه سوف يحاكم عبد المطلب في اليوم التالي. ذكر ديجوري في خطابه إلى فاول أنه رأى من قبل عددًا غير عاديًا من القطط في منزل المفتش نفسه وسأله "بحدة" عن عدد ما يحتفظ به وأجاب المفتش في خوف بأن في بيته "حوالي أربع عشرة قطة ومنها تلك الموجودة في دار الحريم".
الدليل: شعر قطة ميتة
في اليوم التالي، تم إبلاغ ديجوري بأن الشيخ أحمد قد ذهب في رحلة صيد وأنه لم يكن ممكنًا استدعاء الشهود للمحاكمة بدون إذن الشيخ. أقام ديجوري المحاكمة بغض النظر عن ذلك ورفض الدعوى ضد عبد المطلب نظرًا لنقص الأدلة. كما ذكر ديجوري أيضًا لفاول أن الإرسالية الأمريكية (الإرسالية العربية من الكنيسة الإصلاحية في أمريكا) اشتركت أيضًا في القضية المقامة ضد عبد المطلب "بِهمَّتِهم المعتادة".
فعندما حلل الدكتور تشارلز ستانلي ميلري من مستشفى الإرسالية شعرة وجدها عمدة الكويت في مطعم عبد المطلب أثبت أنه ذات الشعر الموجود على قطة ميتة وُجدت في القمامة بالجوار. ولكن ديجوري قرر أن تقييم ميلري لم يكن له وزنًا كدليل مما أثار استياء الإرسالية.
استغلال ضعف الشيخ؟
انقسمت البلدة إلى فصيلين أحدهما مؤيد والآخر معارض لعبد المطلب ولكي يظهر دعمه لعبد المطلب علناً، قام ديجوري بزيارة المطعم ووبّخ العمدة بصفته هو من رفع الدعوى ضد المطعم في البداية. إضافة إلى إجراءات ديجوري جاء الضغط من العلماء في الكويت- والذين دعموا عبد المطلب أيضًا بسبب أعماله الخيرية السابقة – إلى تخلي السلطات المحلية عن القضية بعد وقت قليل.
اعتقد ديجوري أن العمدة رفع الدعوى لكي يحاول الاستيلاء على مطعم عبد المطلب وساعده المفتش وهو على حد قول ديجوري "رجل طموح غيور يستغل على ضعف الشيخ"، وأوضح ديجوري أن العمدة اقترف خطأً بمهاجمة أحد الرعايا البريطانيين ظنًا من أن الأجانب "فريسة سهلة" مقارنة بالكويتيين لأن الشيخ أحمد "أخفى أحكام المرسوم الملكي الخاص بالكويت عن كثير من مواطنيه".
فكاهة دبلوماسية
بعد تلقي خطاب ديجوري، أرسل فاول بتفاصيل القضية إلى الحكومة البريطانية في الهند في ٥ مايو ١٩٣٧، وسخر فاول في خطابه من أن "رأسمال" يتألف من أربع عشرة قطة كان سيسمح للمفتش والعمدة "بلا شك ببدء أعمال مزدهرة في مجال المطاعم".
ورغم إسقاط التهم ضد عبد المطلب، أنهى الرجل أموره في الكويت وغادر لاعتقاده أن أعماله سوف تكسد بسبب الاتهامات، وعلق فاول مستهزئًا عما إذا كان قد غادر "مصطحبًا قططه الثمانية" أم لا. وبهذا انتهت ما كانت تعرف باسم "أزمة لحم القطط في الكويت" والتي بحسب عبارات ديجوري "بدت في وقت ما أنها يمكن أن تنطوي على خطورة كبيرة".
ربما يكون ديجوري قد تعاطف مع محنة عبد المطلب على مستوى شخصي، ولكن الدافع الأساسي وراء الإجراءات القاطعة التي قام بها كان في سياق أشمل كما هو واضح.
فقد لاحظ ديجوري أن مواطني الكويت كانوا جاهلين بمدى تعدي المرسوم الملكي الخاص بالكويت على سيادة البلاد والحماية التي وفرها للرعايا البريطانيين. بعث إطلاق سراح عبد المطلب الفوري تقريبًا من السجن ورفض الدعوى المقامة ضده في اليوم التالي برسالة قوية مفادها أن الرعايا البريطانيين حتى المتهمين منهم بارتكاب جرائم كانوا تحت حماية خاصة ولا يمكن اعتقالهم أو محاكمتهم من جانب السلطات المحلية. ومن هذا المنطلق عملت تلك الأزمة على تأكيد الموقف السيادي لبريطانيا في الكويت.