عرض عام
قمت خلال الفترة من ٩ فبراير إلى ٣ مارس ٢٠١٤ بإجراء بحث عن الموسيقى التقليدية والتاريخ الشفوي العُمَاني. وبرغم قصر فترة إقامتي، إلا أنني تمكنت من تسجيل الموسيقى والتاريخ الشفوي من مناطق الشرقية (صور) وظفار والعاصمة مسقط.
بدأ السلطان قابوس خلال فترة حكمه (١٩٧٠–) نهضة ثقافية، مستوحاة على الأرجح من ولعه الشديد بالعزف على العود ومعرفته العميقة بالموسيقى الكلاسيكية الغربية.
تمثّل الهدف الرئيسي من وراء بحثي وعملي الميداني في استكمال مجموعات الموسيقى التاريخية والتجارية (أقراص الشيلاك) والموسيقى الميدانية القديمة من عُمَان في مجموعات المكتبة البريطانية بتسجيلات الصوت والفيديو الجديدة.
أنواع الموسيقى والرقص
تُعد موسيقى عُمَان انعكاساً أيضاً للتأثيرات البيئية الرئيسية - البحر والصحراء. وبما أن تأثير البحر أكثر وضوحاً، إلا أن القبائل الداخلية كان لها تأثيرات ثقافية مستمرة على الثقافة العُمَانية.
لقد حظيتُ خلال فترة إقامتي بفرصة مقابلة أحد كبار الخبراء في التراث الموسيقي وهو أيضاً موسيقارٍ وراقصاً وكبير التخصص في نجارة السفن: الأستاذ سبيت خميس فرج العلوي. فقد قام ابنه نبهان سبيت خميس العلوي، أحد خبراء موسيقى البحر المشهورين وقائد فرقة موسيقية، في إعداد استعراض فنون البحر مع مجموعة مؤلفة من سبعة عشر رجلاً، وجميعهم أبناء بحارة.
استعرض العرض ستة أنواع مختلفة من رقص موسيقى البحر وهي: جلفت شوباني، التي تشير إلى صيانة قارب كبير وشلات البورا، التي تشير إلى عملية سحب المرساة ونسج الشراع، التي تشير إلى رفع شراع كبير وشامبي، التي كانت مصاحبةً لمجموعة من الألعاب التي أضفت جواً من المتعة والرفاهية على متن القارب ويارا ماشيما، التي تعني التجديف بقارب صغير وموسيقى الصوت.
مهرجان مسقط
صادفت فترة إقامتي مع مهرجان مسقط، وهو مهرجان سنوي تنظمه الحكومة وتوجه الدعوة فيه إلى المجموعات التقليدية من جميع أنحاء عُمَان. وبعد أن التقيت بحوالي ثلاثمائة راقص وموسيقار من مرباط (في ظفار، جنوب عُمَان)، سجلنا ثلاث مجموعات تقليدية.
تم أداء رقصة الربابة وهي رقصة مزدوجة مستوحاة على الأرجح من الرقص المزدوج الأوروبي، من جانب جاليات بالقرب من مرباط. ويشير مصطلح الربابة إلى آلة موسيقية أحادية الوتر، التي كانت تُستخدم على نحو تقليدي مع الرقص لكن حل محلها في الوقت الحاضر مزمار القربة الإسكتلندي.
في غضون ذلك، أدت مجموعة أخرى رقصة الهبوت غير مصحوبة بالعزف على الآلات. ويُصنف أسلوب الأداء هذا إلى ثلاثة أساليب فرعية، خاصة بـ: أهل المنطقة الساحلية؛ وأهل الجبال؛ وأهل الجبال الذين يقطنون الآن بالمناطق الحضرية. كما أدى المغنون الصوفيون من المنطقة أغاني أصلها يمني إلا أنها قد أصبحت جزءاً من المزيج الثقافي في ظفار.
معظم هؤلاء الناس يتحدثون الجبالية (أو شهري)، إحدى لغات جنوب الجزيرة العربية التي سجلها اللغوي البريطاني تي. إم. جونستون.
ونظمت "جمعية هواة العود"جلسة تسجيل خاصة مع الموسيقيين العمانيين الشباب في مسقط، حيث حظوا خلال تلك الجلسة بمتعة العزف على العود والكمان والطبول بالإضافة إلى الغناء. وبالرغم من أن الطبول والأغاني كانت عمانية، إلا أن الأداء – باستخدام الكمان والعود – كان متأثرا بالموسيقى العربية الكلاسيكية.
لقد حالفني الحظ بشدة في صور إذ حظيت بفرصة تصوير أساليب الرقص/الموسيقى الصورية التقليدية في حفلات زفاف واقعية في مناسبتين. وكان أبرز ما التقطته عدسة كاميرتي بكل تأكيد هو رقصة وموسيقى ميدان المطولة أثناء حفل زفاف كبير في إحدى ضواحي صور. وتضم هذه الرقصة الصورية المشهورة والمستوحاة بكل وضوح من أفريقيا رجالاً ونساءً. وقد وقف قارعو الطبول والراقصون، الذين كانوا جميعاً من الرجال، على اليسار بينما جلست مجموعة من النساء على الأرض على اليمين. وفي بعض الأحيان، نهضت راقصة أو عدة راقصات ورقصن بخطوات محسوبة. وتعتبر هذه الرقصة من أكثر الرقصات تعقيداً وتطوراً في صور.
تختلف رقصة الرجال الرزحة بشكل كبير. ويقوم بأداء هذه الرقصة العسكرية صفان متقابلان من الرجال، يحملون سيوفاً وبنادق وعصي جمال. وقد كانت تؤدى رقصة الرزحة في الماضي قبل أو بعد أو حتى خلال المعارك أو الحروب بين القبائل المختلفة. كما كانت تُؤدى في المناطق الساحلية من عُمَان أثناء الاستعداد للذهاب إلى رحلات في البحر. وغالباً ما تُؤدى في هذه الأيام في حفلات الزفاف كتوديع للعروس والعريس.
ارتجل الشاعر – واحد لكل صف – أبيات مرتجلة على الفور، التي أدّاها المغني بعد ذلك. موسيقى شلات تألفت من غناء جماعي: صف واحد من الراقصين غنى عدة أبيات، ثم حل الصف الآخر محله. ويركز هذا النوع على أغاني الحداد الحزينة، بينما تصف بعض الكلمات الجمال والتاريخ الشفوي لصور.
الثقافة الموسيقية العُمانية تعكس أصل شعبها المتعدد الأعراق وقد تمخض عنها أصناف عديدة من أنواع الموسيقى والرقص. وبالرغم من تأثر ثقافة الشعب العُماني بالثقافة الهندية والفارسية وثقافة شرق أفريقيا، إلا أن الشعب العُماني قد نجح في تطوير مجموعة متميزة متنوعة من الأساليب الموسيقية الخاصة بهم.