عرض عام
وقد لعب موقع جزيرة خرج الصغيرة في الخليج قبالة ساحل إيران الحالية دورًا حيويًا في تاريخ الساحل الفارسي للخليج.
فإلى جانب عمارة أجيال متعاقبة من السكان سوف تجد آثار من الإمبراطورية البارثية ومملكة الأنباط، إلر جانب العمارة المسيحية وآثار حقبة الاحتلال الهولندي (١٧٥٣-١٧٦٥)، بالإضافة إلى أدلة على المحاولات التي تمت في القرن العشرين "لإضفاء الطابع الإيراني" على الجزيرة، ظلت خرج بؤرة تنافس على مدار التاريخ لأسباب مهمة، منها مياهها التي كانت أعذب من المياه المتاحة في بوشهر، طبقًا لجيمس هورسبورغ في دليل الهند.
بعد ذلك، أصبحت خرج ميناءً مثاليًا لسفن النفط الكبيرة نظراً لعمق البحر وقربها من الساحل الإيراني، وكان هذا الموقع الاستراتيجي هو الدافع وراء الاحتلالين البريطانيين لهذه الجزيرة - أحدهما في ١٨٣٨ والآخر في ١٨٥٦.
الهولنديون والبريطانيون
بعد استعادة القرصان الفارسي الشهيرمير مهنا لجزيرة خرج من الهولنديين سنة ١٧٦٥ عن طريق إستدراجهم خارج حصنهم متظاهرًا بالتفاوض معهم ثم استيلائه عليها بكل بساطة، أصبحت هذه الجزيرة جزءًا من بلاد فارس. ولكنها خضعت بعد ذلك للحصار مرتين من البريطانيين خلال القرن التاسع عشر لأنهم رأوها نقطة مركزية استراتيجية على الجانب الفارسي من الخليج.
استمرت الفترة الأولى من الاحتلال البريطاني من ١٨٣٨ حتى ١٨٤٢ عندما صارت هذه الجزيرة جزءًا من خطة استراتيجية لإجبار الفارسيين على الانسحاب من مدينة هرات الأفغانية، وفي الواقع كان من المخطط في ١٨٣٩-١٨٤٢ تقريبًا أن تُنقل المقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. البريطانية من بوشهر إلى خرج.
رغم أمل هنري دونداس روبرتسون، القائم بأعمال المقيم البريطاني، في استخدام الجزيرة كمقيمية صيفية في ١٨٤٢، انسحب البريطانيون في وقت ما من ذلك العام وأعاد الفارسيون احتلال خرج.
كان من المخطط القيام باحتلال ثانٍ في يناير ١٨٥٣ نتيجة لقطع العلاقات الأنجلو فارسية، وتم تعزيز الحامية الفارسية على الجزيرة عن طريق زيادة خمسمائة جندي فارسي في ديسمبر من ذلك العام كرد على الاحتلال البريطاني المخطط.
الاحتلال الثاني
ساد الإعتقاد منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر بأن أفضل سَبيل لحماية المصالح البريطانية بعد تمزق الروابط الدبلوماسية مع بلاد فارس وبعد حدوث بعض الأعمال العدائية على الساحل قرب خرج هو وضع قوة صغيرة في "كراك" (اسم خرج في ذلك الوقت) وكذلك في بوشهر.
حدث الحصار الثاني في٣ ديسمبر ١٨٥٦بقراءة إعلان موقَّع من طرف فيليكس جونز، الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية للقوات الميدانية والمقيم البريطاني في الخليج العربي، أمام مجموعة من سكان الجزيرة قبل تعليقه على بوابة قلعة الجزيرة ليقرأه الجميع. يسرد هذا الإعلان حقوق وواجبات سكان الجزيرة الذين أصبحوا آنذاك من رعايا الملكة فكتوريا.
إعادة الاحتلال من قِبل بلاد فارس
يسجل النقيب ستيف من البحرية الهندية الملكية أنه وقت المسح الثاني للخليج العربي (١٨٥٧-١٨٦٠) كان تعداد سكان الجزيرة يُقدر بحوالي أربعمائة رجل، بالإضافة إلى حامية من الجنود الفارسية بداخل قلعة الحصن الهولندي المتهدم. وبمجرد المصادقة على المعاهدة الأنجلو فارسية سنة ١٨٥٧، أُرسلت التعليمات للحامية البريطانية بمغادرة الجزيرة.
وبعدما أصبحت خرج تابعة لبلاد فارس، عادت الصناعات التقليدية من الصيد وغرس النخيل وصيد اللؤلؤ لتكون العمل الأساسي لسكانها.
خرج اليوم
أدى اكتشاف النفط إلى إزدياد الأهمية الاستراتيجية لخرج. فاعتبارًا من ٢٠١٢، تم توزيع حوالي تسعين في المائة من النفط الخام الإيراني عبر محطة النفط الموجودة على جزيرة خرج. وإبان الحرب الإيرانية العراقية، تعرضت الجزيرة للقصف من سلاح الجو العراقي مما ألحق دمارًا بالغًا بخطوط الأنابيب والمرافق في الجزيرة. وبعد الحرب، جددت إيران هذه الخطوط والمرافق بالتدريج. واليوم، تعتبر الجزيرة جزءًا أصيلاً من الهوية الإيرانية وبخاصة من حيث أهميتها الاستراتيجية، حتى إنها تجسدت في لعبتين من ألعاب الفيديو: إحداها تسمى Battlefield 3، والتي تدور قصتها على الجزيرة والثانية تستوحي الإلهام من مغامرات مير مهنا.