عرض عام
منذ تأسيس سلاح الجو الملكي في ١ أبريل ١٩١٨، استخدمه البريطانيون كأداة في إحكام السيطرة على إمبراطوريتهم. ففي سنة ١٩٢٠، استُخدم سلاح الجو الملكي لسحق الثورة العراقية، وتضمّن ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين لأول مرة. وفي السنة التالية أسندت لسلاح الجو الملكي المسؤولية عن جميع القوات البريطانية في العراق، وسرعان ما امتدّ تأثيره جنوبًا نحو الخليج.
دعم الممرات الجوية البريطانية إلى الهند
تم تأسيس أول ممر جوي من المملكة المتحدة إلى الهند البريطانية عن طريق رحلة جوية من إنجلترا إلى كراتشي في ديسمبر ١٩١٨. حلقت هذه الرحلة والرحلات التي تلتها فوق بلاد فارس] إيران[ واستخدمت مطارات، كمطار بندر عباس، للتزود بالوقود. وبعد انسحاب القوات البريطانية من بلاد فارس في فبراير ١٩٢٠ (بالرغم من إعلانها الحياد رسميًا، شكّلت بلاد فارس إحدى ساحات المعارك الرئيسية إبان الحرب العالمية الأولى)، أصبح الممر الجوي مرهونًا بحالة العلاقات الأنجلو-فارسية، لذلك كان لا بد من إيجاد البديل للحالات الطارئة. وفي برقية مؤرخة في يناير ١٩٢٧، يقدم المفوّض السامي البريطاني تفاصيل بعض المستلزمات لإنشاء "خط جوي إضافي إلى الهند عبر ساحل الخليج الفارسي المصطلح التاريخي المستخدم للإشارة إلى المسطح المائي الذي يفصل بين شبه الجزيرة العربية وإيران. " بما في ذلك "مهابط للتزود بالوقود لا يبعد أحدها عن الآخر أكثر من ٢٥٠ ميلًا، ومهابط لحالات الهبوط الاضطراري بمسافات تتراوح بين ٢٠ و٥٠ ميلًا." ويضيف أن "تعاون القادة العرب من الكويت إلى مسقط سيكون ضروريًا" وأن "ابن سعود سيعارض بشدة الاستطلاع فوق أراضيه بدون تصريح مسبق منه" (IOR/R/15/2/119، ص. ١٢و).
تعزيز القوة البريطانية في الخليج
ولم يكن إنشاء ممر جوي جديد إلى الهند السبب الوحيد لرغبة البريطانيين بوصول سلاح الجو الملكي إلى الخليج، فالخطوات الأولى لتحقيق هذا الوصول كانت قد اتُخذت قبل عدة سنوات. ففي ٨ يونيو ١٩٢٤، غادرت ثلاث طائرات قاعدة سلاح الجو الملكي في الشعيبة خارج البصرة، العراق، في أول رحلة رسمية إلى البحرين. وعند الوصول إلى المنامة، بحسب التقرير الرسمي، قامت الطائرات "بالطيران على علو منخفض وصل إلى ١٠٠٠ قدم في تشكيل منتظم وتدور بالمدينة لجهة اليمين سالكة الخط الساحلي. أطلقت الطائرات الثلاث أضواءً حمراء وبيضاء وخضراء على التوالي، واعتبرها السكان حسب الأصول ألوان الأحمر والأبيض والأزرق التي تشير للحماية البريطانية" (IOR/R/15/5/97، ص. ٢٤٣و). وبالرغم من أن أثر الرحلة الترويجي كان من بين الدوافع الأساسية للقيام بها، إلا أن نقاشًا كان يدور خلف الكواليس حول فائدة أخرى متوخاة من القيام بها.
كان المسؤولون البريطانيون في الخليج يدرسون احتمالية استخدام البحرين أو الكويت كقاعدة لأية رحلات مستقبلية إلى الرياض، عاصمة سلطنة نجد ذات القوة المتنامية والتي تتبع لابن سعود. وفي مذكرة عن هذا الموضوع، يحدد المقيم البريطاني في الكويت "الحالات الثلاث التي قد يكون مرغوبًا فيها القيام برحلة إلى الرياض: (١) في حالة نشوب أعمال عدائية مع ابن سعود. (٢) نزولًا عند رغبة ابن سعود. (٣) بناءً على اقتراحنا وبموافقة ابن سعود." ويضيف أنه يجد "صعوبة في تصور أية ظروف يرغب بموجبها ابن سعود بزيارة الطائرات للرياض" (IOR/R/15/5/97، ص. ٢٠٤و). وفي يناير ١٩٢٨، استعرض سلاح الجو الملكي قوته في الخليج، وعلى تخوم نجد بشكل خاص، عن طريق لعبه دورًا حاسمًا في الدفاع عن الكويت في وجه سلسلة من الغارات التي شنها الإخوان قوة عسكرية إسلامية ساهمت في صعود ابن سعود إلى السلطة. من داخل أراضي ابن سعود.
إنشاء مهابط الطائرات
بعد هذه الخطوات الأولية في الخليج، كان التطبيق العملي المطلوب لتقوية وجود سلاح الجو الملكي يتمثل في إنشاء مهابط الطائرات. في مارس ١٩٢٧، عندما كانت الخطط لإنشاء ممر جوي جديد إلى الهند قائمةً على قدم وساق، كتب الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية مشيرًا إلى أن المطار الذي تم بناؤه لاستقبال الرحلة الأولى من العراق قبل عدة سنوات قد أصبح الآن "معشوشبًا بشكل كثيف" وبالتالي "لا يفي بذلك الغرض" (IOR/R/15/2/119، ص. ٢٢و). وبحلول سبتمبر ١٩٢٩، تم الانتهاء من أعمال إنشاء مطار جديد قرب المنامة، في موقع مطار البحرين الدولي الآن. كذلك بدأ العمل على إنشاء مهابط للطائرات في الكويت وصحار وبيت الفلج في عمان. وبإنشاء هذه القواعد، ضمن سلاح الجو الملكي تواجده في الخليج لعقود قادمة.