عرض عام
قبل القرن التاسع عشر، كانت المعلومات الملاحية الأوروبية عن الخليج، بما في ذلك مضيق هرمز الذي يُعدّ حاليًا أحد أهم ممرات السفن وأكثرها حيوية، تقتصر على مسارات معينة مهمة لحركة السفن التجارية. وكانت الخرائط المُعدّة للملاحة في الشرق تبيّن طريقًا واحدًا فقط، وكان هو الأشهر ويعتبر أكثر الممرات البحرية أمانًا في المنطقة.
وامتد هذا الممر البحري من الساحل العُماني إلى مضيق هرمز، ثم بمحاذاة الساحل الفارسي. وكانت الخرائط تحدّد جزيرة خارج كمحطة للتزود بالمياه وتبيّن خطًا واحدًا لقياس العمق بطول الممر، مما افتقر إلى التفاصيل.
١٨٢٠: بدء عملية المسح
أجريت أول عملية مسح جغرافي منهجية لطبوغرافيا ساحل الخليج على يد ضباط البحرية في بومباي في الفترة بين ١٨٢٠ و١٨٢٩. وكان الهدف منها إنتاج مجموعة من البيانات والمعلومات عن الخليج وسواحله لأغراض ملاحية وعسكرية وتجارية. وكان لدى الضُباط تعليمات بتسجيل البيانات المهمة لملاحة السُفُن ويشمل ذلك توثيق الطبوغرافيا الساحلية، علي سبيل المثال المناطق الضحلة وقياسات العمق التي لم يجرِ تسجيلها من قبل وأيضًا الحركة الغالبة للرياح والأمواج.
كما قاموا بإعداد خرائط مُفصّلة للموانئ وتسجيل معلومات عن الطبيعة الجيولوجية ومراكز التجارة، بالإضافة إلى الانتماءات القبلية والدينية للسكان على ضفتي الخليج. وكان لذلك أهمية كبيرة بالنسبة للبريطانيين بسبب الاعتقاد الأوروبي السائد وقتها بأن ساحل ينطوي على مخاطر خاصة.
بدأت هذه الأعمال في أكتوبر ١٨٢٠ على ساحل رأس مسندم في عمان تحت قيادة فيليب موجان. وبعد رحيله، كان الضباط المسؤولون عن تلك المهمة تباعًا: جون جاي؛ جورج بارنز بروكس؛ وستافورد بيتسورث هاينز الذي قام بإتمام عملية المسح وعاد إلى بومباي في نهاية أبريل ١٨٢٩.
المعدات والسُفن للمهمة الخطرة
لم تحمل السُفن الثلاث –ذا ديسكفري، سايكي، بينارز– التي تم استخدامها في عملية المسح أية معدات للمسح في بادئ الأمر حتى تم تجهيزها على نحو خاص. وقد اشتكى الضباط في تقاريرهم على سبيل المثال من رداءة جودة الأدوات المتوفرة لإتمام المهمة. كما أن السُفن لم تكن مُصممة أو مهيأة لهذه المهمة الخطرة، مما زاد من صعوبتها، خاصةً فيما يتعلق بالأعمال التي تمت على الجانب العربي من الخليج. وحسب التقارير كان الشريط الساحلي الممتد من رأس ركن إلى الكويت، والذي يُعرف أحيانًا باسم ساحل القراصنة، يتميز بصعوبة خاصة وذلك لأن شواطئه ضحلة وصخرية.
وجدير بالذكر أن استخدام سُفن المسح لم يكن قاصراً على عمليات المسح، فكان العمل كثيرًا ما يتعطل عندما تكون السُفن مطلوبة في موقع آخر، مثلًا في مهام النقل إلى الساحل الفارسي ومسقط. ولذلك كان تقدّم هذه العمليات بطيئًا.
علاوة على ذلك، أدت الأحوال الجوية القاسية إلى عرقلة المهمة عدة مرات، مما دفع المسّاحين إما لتغيير خططهم أو الاحتماء سريعًا بالقواعد البريطانية - أولاً في باسيدو على جزيرة قشم، ثم في بوشهر بعد ١٨٢٣.
أسماء الأماكن العربية
في السنوات التالية لعمليات المسح تم جمع معلومات وبيانات مهمة لم تُكن قد جُمعَت في بادئ الأمر وإضافتها مباشرةً إلى المواد التي طُبعت لاحقًا. وفي ١٨٢٨، طلبت حكومة بومباي حوالي ١٦٦٨-١٨٥٨: إدارة شركة الهند الشرقية في مدينة بومباي [مومباي] وغرب الهند. ١٨٥٨-١٩٤٧: تقسيم فرعي تحت حكم الراج البريطاني، كان معنيًا بالعلاقات البريطانية مع الخليج والبحر الأحمر. "إدراج أسماء جميع الأماكن في ذلك الخليج بحروف عربية إلى جانب الإنجليزية" في جميع النُسخ. وكان الرد كالتالي:
لقد وُجِد استحالة طباعة هذه الحروف بدقة، لأنها غير مدرجة في خرائط المسح المرسلة إلى هذه البلاد، وإنما تم استلامها في ورق منفصل، كما أن هجاء أسماء العديد من الأماكن المرتبطة بالحروف العربية في هذا الورق مختلف إلى حد كبير عن أي هجاء لأسماء الأماكن المحددة على الخرائط حتى أنه في بعض الحالات لا يمكن إيجاد أي رابط بينهم.
تم في النهاية تنفيذ طلب حكومة بومباي حوالي ١٦٦٨-١٨٥٨: إدارة شركة الهند الشرقية في مدينة بومباي [مومباي] وغرب الهند. ١٨٥٨-١٩٤٧: تقسيم فرعي تحت حكم الراج البريطاني، كان معنيًا بالعلاقات البريطانية مع الخليج والبحر الأحمر. بطباعة خريطة عامة مكونة من ورقتين للخليج العربي في ١٨٣٢.
أدلة الإبحار والمرشدون الملاحيون
إلى جانب الرسومات والخرائط اليدوية المُجمّعة، قام المسّاحون بإرسال تقارير إدارية عن تقدم العمل إلى ضباط البحرية وأُرسلت تلك التقارير إلى لندن للنشر وقامت شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا بإصدارها في هيئتها المطبوعة بين عامي ١٨٢٦ و١٨٣٢. وقد تم إدراجها مع الأوصاف في النُسخ الحديثة لتوجيهات الإبحار التي أصدرتها الشركة. وفي وقت لاحق من القرن التاسع عشر، خضعت الخرائط والخطط للتعديل بناءً على عمليات مسح مائي ورصد فلكي جديدة، وتم تحديثها في نسخة لاحقة من دليل الخليج العربي الذي أصدرته البحرية البريطانية بين عامي ١٨٦٤ و١٩٣٢.
وقد شكلت المعلومات الطبوغرافية التي تم جمعها في عشرينات القرن التاسع عشر الأساس للمعلومات الأوروبية عن الخليج طيلة مائة سنة تقريبًا. وبتأليف كتاب The Persian Gulf PrécisPrécis للمؤلف جيروم أ. سالدانيا في ١٩٠٣ وبعده موسوعة جون جوردن لوريمر دليل الخليج وعمان ووسط الجزيرة العربية، والتي نشرتها حكومة الهند في ١٩٠٨ و١٩١٥، تم إدراك تلك المعلومات الملاحية وتجاوزها.