نهج القرن التاسع عشر لحِفظ سجلات الحكومة

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

لم يقتصر تأثير مناخ شبه القارة الآسيوية الحار الرطب على تهديد صحة الموظفين الإداريين البريطانيين فحسب، بل إنه مثًل كذلك تحديات جديدة أمام عملهم في حفظ السجلات.

تحمل العديد من الملفات الكائنة بين سجلات مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. في المكتبة البريطانية ندوبًا بارزة من أثر الحشرات. وفي ملفات مقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. الخليج العربي ووكالة البحرين، حواف العديد من الصفحات والأغلفة قد تغربلت بفعل ثقوب صغيرة، وهذه علامة مؤكدة على الإصابة بحشرات "دودة الكتب": إما النمل الأبيض أو الخنافس آكلة الخشب.

ورق جذاب

في ديسمبر ١٨٥١، أرسل آرثر ماليت، السكرتير العام لحكومة بومباي، مذكرة دورية إلى المسؤولين في الهند البريطانية تتضمن تعليمات بشأن كيفية مواجهة التهديد الذي يمثله النمل الأبيض على السجلات الورقية. ينجذب النمل الأبيض إلى الورق والخشب بصفة خاصة نظرًا لما يحتويانه من سليولوز، وهو يعد مصدرًا غنيًا بالطاقة بالنسبة للحشرات.  وقد قدم ماليت في مذكرته الدورية بعض النصائح حول كيفية تثبيط النمل الأبيض عن اتخاذ أوراق مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. ملاذًا له ومحاولة ثنيه من أكل طريقه عبر الأوراق.

دليل ماليت للحِفظ على السجلات

شرع ماليت في القول، "بادئ ذي بدء، يجب تنظيف الصناديق عدة مرات على مدار عدة أيام، من الداخل والخارج، باستخدام إسفنجة مشربة بمحلول قوي من كبريت النحاس [...] المذاب في الماء. كما يجب تبطينها بالورق البني الشائع الذي يتم تشبيعه أولاً بذات المحلول ثم تجفيفه في الظل، كما يجب استخدام محلول مشابه، بدلاً من الماء العادي، لصنع العجينة اللاصقة اللازمة لتبطين الصناديق."

وواصل ماليت نصائحه قائلاً، "ثانيًا، إن أمكن نقع ألواح الخشب قبل تصنيعها أو نقع الصناديق ذاتها في خزان يحتوي على هذا المحلول، فسيكون ذلك أكثر نفعًا وفاعلية، كما يمكن استخدام الخشب اللين، مثل شجر الديل أو القطن، وفي تلك الحالة لن يكون من الضروري تبطين الصناديق بالورق، وهو ما يعد ميزة رائعة حيث يميل ذلك الورق إلى اجتذاب العثة والصراصير التي لها أثر مدمر على الورق."

"ثالثًا، دعامات الصناديق [...] يجب أن تستند على أو تنبثق من الحجر أو الخزف الصلب الذي يحتوى على محلول أضعف يتكون من الحجر الأزرق [كبريتات النحاس]، مع إضافة كمية ضئيلة للغاية من الزيت، لتكوين قشرة خارجية [أو غلاف] يساعد على منع التبخر - في حالة ما تعذر تنفيذ ذلك، يمكن الاستعانة بدعامة حجرية محاطة برمل مكدس، مع الإستفادة من وضع شريحة كبيرة من الزنك أو أي معدن آخر رخيص بين القوائم والأرضية، ومن ثم يمكن وضع صناديق السجلات المتواجدة في المخيم المتنقل على أعلى زجاجات مقلوبة مدفونة حتى ثلثها الأخير في الأرض."

مواد كيميائية خطرة

استرسل ماليت في نصائحه قائلاً، "رابعًا، من المقترح أن يتم غمر جميع Duftur Roomals [التربيعات الكبيرة من القماش]  من البداية في نفس المحلول أو في Ruskapoor [محلول كبريتات الزئبق] أو كلوريد الزئبقيك، ثم تجفيفها ببساطة قبل تخصيصها لحفظ الورق فيها - إلا إنه ليس من المؤكد ألا يصاب القماش بالكيماويات على نحو ضار."

لم يُغفل ماليت ذِكر تلك الطبيعة الخطرة التي تتسم بها إجراءاته المقترحة: "من الأفضل اتخاذ إجراءات احتياطية دقيقة لتجنب وقوع أي حوادث من جراء استخدام الغسيل السام المقترح عليه إبان تحضيره، وذلك على الرغم من أنه يذكر بكون أقل خطورة عن سواه فور استخدامه، حيث لا تنبعث منه أي أبخرة سامة كما هو الحال مع بعض مستحضرات الزرنيخ والزئبق."

وليس من المعروف إلى أي مدى تم تطبيق تعليمات ماليت من قِبل موظفي المقيمية، ومدى الفاعلية التي حققتها، إن كانت قد طبقت بالفعل، نحو الحد من الأضرار التي تسببها الحشرات للسجلات. تساعد الوسائل الحديثة للحفظ على الورق في حصر المخاطر المرتبطة بأضرار الحشرات عند أدنى مستوياتها، ومن ذلك الحفظ على بيئة باردة ومنخفضة الرطوبة كتلك التي يتم فيها حفظ سجلات مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. داخل المكتبة البريطانية حاليا.

مذكرة دورية أرسلها آرثر ماليت، السكرتير العام لحكومة بومباي، إلى المقيم البريطاني في الخليج العربي، بتاريخ ٥ ديسمبر ١٨٥١. IOR/R/15/1/128, صص. ٢٨-٢٩
مذكرة دورية أرسلها آرثر ماليت، السكرتير العام لحكومة بومباي، إلى المقيم البريطاني في الخليج العربي، بتاريخ ٥ ديسمبر ١٨٥١. IOR/R/15/1/128, صص. ٢٨-٢٩