جولة أسطول سنة ١٩٣٣: استعراضٌ لقوة البحرية البريطانية في الخليج

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

دفع حادثٌ صغيرٌ وقع في باسعيدو في ثلاثينيات القرن العشرين البحرية الملكية إلى إرسال أول أسطول سفن مدمرة في جولة إلى الخليج، في استعراضٍ جماهيريٍ لسيطرتها البحرية على المنطقة.

في ٢٩ أغسطس ١٩٣٣، استلم المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ القائم بالأعمال ممثل أو مندوب للحكومة في بلد أجنبي. قد يتم تعيين قائم بالأعمال في حال لم يكن لدى الحكومة سفير في ذلك البلد، أو أثناء غياب السفير. في الخليج العربي، بيرسي جوردون لوك، رسالةً من الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية في الكويت، المقدم هارولد ديكسون، يبلغه فيها عن شائعات تدور في الكويت تُفيد بإقدام ضابط بحري فارسي على إنزال العلم البريطاني في باسعيدو- قاعدة أسطول البحرية البريطانية الفارسية في الخليج.

رد سريع

كان الرد البريطاني على ذلك فوريًا وحاسمًا. ففي ٧ سبتمبر ١٩٣٣، أرسل لوك برقية تعميم إلى الضابط البحري الأول في الخليج العربي والوكلاء السياسيين البريطانيين في البحرين والكويت ومسقط، يؤكد فيها أن ضابطًا فارسيًا قد أنزل العلم البريطاني، وبمجرد العلم بالحادث، أنزلت السفينة الملكية "بيديفورد" بعد عدة أيام فقط قوةً مسلحةً في باسعيدو وتم رفع العلم مجددًا. ذكرت البرقية أيضًا أن الحكومة الفارسية قد أبلغت القائم بأعمال السفير البريطاني أن تصرف الضابط كان عملًا فرديًا دون أمر من أحد، وأنها أصدرت أوامر صارمة للبحرية الإيرانية الإمبراطورية بمنع حدوث أي أعمال مشابهة في المستقبل.

السفينة الملكية بيديفورد. © المتحف الحربي الإمبراطوري (FL 2040)
السفينة الملكية بيديفورد. © المتحف الحربي الإمبراطوري (FL 2040)

وفي برقية تعميم أخرى صدرت في نفس اليوم، طلب لوك أن تُترجم رسالته السابقة إلى اللغة العربية وتوزع على حكام ساحل الجزيرة العربية "وأن يُطلب منهم إعطاء نسخٍ منها لجميع أعيانهم، وتعميمها بجميع الوسائل الممكنة الأخرى" (IOR/R/15/5/173، ص.٤٧و). اختتم لوك برقيته بملاحظة خاصة للوكلاء السياسيين فقط: كان يُتوقع وصول أول أسطول سفن مدمرة تابع للبحرية الملكية إلى جزيرة هنجام في ١٥ سبتمبر، بغية رفع العلم البريطاني على طول الساحل العربي في الخليج. وقد صدرت نسخة معدلة من الرسالة في ٨ سبتمبر بغرض تعميمها. وأكد لوك في مراسلات لاحقة بينه وديكسون، بضرورة توخّي الحذر لتجنب ربط وصول أسطول البحرية الملكية بحادثة باسعيدو، وبالمثل تجنب أي إشارةٍ إلى أن هذا الأسطول يمثل تهديدًا لبلاد فارس.

برقية تعميم من المقيم السياسي القائم بالأعمال في الخليج العربي، بيرسي جوردون لوك، ٨ سبتمبر ١٩٣٣. IOR/R/15/5/173، ص. ٥٢و
برقية تعميم من المقيم السياسي القائم بالأعمال في الخليج العربي، بيرسي جوردون لوك، ٨ سبتمبر ١٩٣٣. IOR/R/15/5/173، ص. ٥٢و

تأثيرٌ مباشر

إن حقيقة أن جولة الأسطول التي أُعلن عنها سريعًا كانت استجابة مباشرة من المسؤولين البريطانيين لحادثة باسعيدو، اعتُرف بها ضمنيًا في برقية من ديكسون إلى لوك، بتاريخ ١٩ سبتمبر ١٩٣٣، حيث ذكرت البرقية أن التعميم وما تبعه من أخبار وصول الأسطول، كان له "أفضل تأثير ممكن" على الرأي العام في الكويت (IOR / R / 15/5/173، ص. ٦٢و). قضى الأسطول، الذي ضم السفينة الملكية القائدة للأسطول "دنكان" وثمانية مدمرات من أسطول البحر الأبيض المتوسط البريطاني، قرابة شهر في الخليج، حيث توقف في باسعيدو ودبي وأبو ظبي والكويت والبحرين وقطر أثناء الطريق.

الدربار: أصداء سنة ١٩٠٣

دُعي حكام الإمارات المتصالحة مسمى استخدمه البريطانييون من القرن التاسع عشر حتى ١٩٧١ للإشارة لما يُعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة. إلى دبي في ٢٣ سبتمبر ١٩٣٣ لحضور دربار مجلس خاص أو عام يقيمه ممثل استعماري بريطاني عالي الرتبة (مثل نائب الملك أو الحاكم العام أو أحد أعضاء العائلة المالكة البريطانية). من أجل توضيح الهدف من جولة الأسطول. إذ أخبر لوك الحكام – ملمحًا إلى بيان ألقاه جورج كرزون في دربار مجلس خاص أو عام يقيمه ممثل استعماري بريطاني عالي الرتبة (مثل نائب الملك أو الحاكم العام أو أحد أعضاء العائلة المالكة البريطانية). سابق أثناء جولته في الخليج بصفته نائب الملك في الهند قبل ٣٠ عامًا تقريبًا - أن تدّخل البحرية البريطانية في الخليج "قد رسّخ السلام وخلق النظام في البحار"، وأنقذهم من الموت على يد أعدائهم (IOR/R/15/5/173، ص. ٦٩و). كما ذكّر جمهوره بأن الاتفاقيات العديدة الموقعة بين الحكومة البريطانية وحكام الساحل الجنوبي الشرقي للجزيرة العربية (ابتداءً من معاهدة العمومية مع الأقوام العرب في خليج فارس اتفاقية أبرمت سنة ١٨٢٠ بين بريطانيا وعشرة من شيوخ القبائل في الساحل الشرقي للجزيرة العربية. كثيرًا ما يُنظر إلى هذه الاتفاقية على أنها تمثّل بداية الهيمنة البريطانية في المنطقة. ١٨٢٠) قد جعلت بريطانيا الآمرة الناهية في الإمارات المتصالحة مسمى استخدمه البريطانييون من القرن التاسع عشر حتى ١٩٧١ للإشارة لما يُعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة. وحاميتها.

صورة دربار اللورد كرزون على متن باخرة البحرية الهندية الملكية "أرجونوت"، الشارقة، ٢١ نوفمبر ١٩٠٣. Photo 49/1/7
صورة دربار اللورد كرزون على متن باخرة البحرية الهندية الملكية "أرجونوت"، الشارقة، ٢١ نوفمبر ١٩٠٣. Photo 49/1/7

خلافٌ حول الدربار

أثار دربار مجلس خاص أو عام يقيمه ممثل استعماري بريطاني عالي الرتبة (مثل نائب الملك أو الحاكم العام أو أحد أعضاء العائلة المالكة البريطانية). لوك الذي اقترحه بدايةً في برقية بتاريخ ١٢ سبتمبر ١٩٣٣، اختلافًا في الرأي بين كبار المسؤولين في مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. ووزارة الخارجية، حيث شككت الأخيرة في الحكمة من الدعوة إلى مقارنات بين دربار مجلس خاص أو عام يقيمه ممثل استعماري بريطاني عالي الرتبة (مثل نائب الملك أو الحاكم العام أو أحد أعضاء العائلة المالكة البريطانية). أقامه نائب الملك وآخر أقامه مقيمٌ قائمٌ بالأعمال. بيد أن مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. كان يؤيد بشدة المضي قدمًا في هذا الأمر، وتم التوصل إلى اتفاق بعد إجراء بعض التعديلات على خطاب لوك المقترح للشيوخ المتصالحين، لتجنب تكرار كلمات خطاب كرزون الأصلي.

استعادة ثقة أم إعادة تأكيد السيادة؟

بعد مرور ثلاثين عامًا على دربار مجلس خاص أو عام يقيمه ممثل استعماري بريطاني عالي الرتبة (مثل نائب الملك أو الحاكم العام أو أحد أعضاء العائلة المالكة البريطانية). كرزون، اتّخذ البريطانيون من فعلٍ صغيرٍ نسبيًا قام به معارض في باسعيدو فرصةً لاستعراض سيطرتهم البحرية في الخليج على الملأ. وبهذا أوضحوا للحكام العرب أن الحكومة البريطانية لن تتساهل حتى مع أدنى إهانة لسمعتها. وهدفت ملاحظات لوك في دبي إلى تذكير الشيوخ المتصالحين بعلاقتهم بالحكومة البريطانية والتزاماتهم التّعاهدية، حيث حذرهم بأن "هذه الاتفاقيات ملزمةٌ لكل شخص منكم" (IOR/R/15/5/173، ص. ٧٠و). وفي رسالة سريعة موجهة إلى وزارة الخارجية في الحكومة في الهند، بتاريخ ١٩ أكتوبر ١٩٣٣، اختتم لوك قوله بأن الثقة بالبريطانيين قد عادت بعد رؤية الأسطول وإنزال قوة مسلحة في باسعيدو "وستبقى كذلك ما دمنا نظهر بمظهر الحازمين" (IOR/L/PS/12/3775، ص. ١٧و).