النفط مقابل الحماية العسكرية بين الحروب: طلب قطر للأسلحة والرد البريطاني عليها

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

حاولت بريطانيا ضمان الحصول على النفط القطري قبيل الحرب العالمية الثانية مقابل توفير الحماية العسكرية لقطر. ولكن لماذا إحتاجت قطر إلى أسلحة وسيارات مصفحة في ١٩٣٥؟

ساعدت الحكومة البريطانية من خلال توفير الحماية العسكرية لحاكم قطر، الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، على ضمان منح امتياز النفط القطري في ١٩٣٥ إلى شركة النفط الأنجلو-فارسية البريطانية. لكن من أو ما الذي كانت قطر بحاجة إلى الحماية منه؟

المخاوف الإقليمية والدولية

كانت رغبة قطر في ضمان الحماية العسكرية مفهومةً في سياق الوضع السياسي الدولي، لاسيما أن ذلك جاء بعد بضعة أشهر فقط من إعلان ألمانيا عن إعادة تسلحها منتهكة بذلك معاهدة فرساي.

كان التهديد الأكبر يأتي من المملكة العربية السعودية المؤسسة حديثًا، تحت حكم ابن سعود، على حدودها الجنوبية والبحرية وكذلك من الغارات "الخطرة" المحتملة من قبل قوات إقليمية أخرى.

في الوقت نفسه كانت بريطانيا تبدأ برنامجًا لإعادة التسلح يشمل الحصول على سفن حربية وتوفير طائرات أحادية السطح لسلاح الجو الملكي. وكان من الضروري ضمان تأمين كميات كافية من الوقود لتشغيل الأساطيل الجديدة في حال اندلاع حرب جديدة مع ألمانيا. ولذلك كان الحصول على إمدادات النفط القطري ضروريًا إذا أمكن.

تفصيل من خطاب ينقل ملحق من وزير الدولة لشؤون الهند بتاريخ ٦ مايو ١٩٣٧. IOR/R/15/2/418، ص. ٧٠
تفصيل من خطاب ينقل ملحق من وزير الدولة لشؤون الهند بتاريخ ٦ مايو ١٩٣٧. IOR/R/15/2/418، ص. ٧٠

طلب شيخ قطر والحماية الضمنية من بريطانيا

في مايو ١٩٣٥، أعرب الشيخ بنفسه عن رغبة بلاده في شراء أسلحة، مثل مدافع رشاشة وبنادق وسيارات مصفحة بغرض الحماية، لذا طلب مشورة بريطانيا. ومن بين المراسلات المتعلقة بهذا الموضوع، هناك بعض الرسائل ذات أهمية خاصة بين المقدم ترنشارد كرافن فاول، المقيم البريطاني في بوشهر، والسير صمويل هور، وزير الدولة لشؤون الهند في ذلك الوقت.

أيد هور شراء الشيخ للبنادق لكنه عارض فكرة إمداده بالمدافع الرشاشة والسيارات المصفحة خوفاً مما وصفه بـ "إستفزاز ابن سعود بالاضافة إلى عدم التيقن من قدرة المشيخة على توفير الرجال المؤهلين لاستخدام هذه الأسلحة أو حتى حمايتها من الوقوع في أيدي الأعداء".من الواضح أن البريطانيين كانوا معنيين بالحفاظ على التوازن السياسي في المنطقة، وكذلك التأكد من منع وقوع أية أسلحة في أيدي الأعداء.

تابع هور حديثه قائلاً: ‘]أنت ]فاول] يجب أن تجاوب بأن الحكومة البريطانية لا ترى أي سبب لحدوث وضع يدعو إلى تملك مدافع رشاشة أو سيارات مصفحة". كان السبب في ذلك ضمنياً. كانت الحكومة البريطانية نفسها ملتزمةً بمساعدة الشيخ في حالات الطوارئ.

برقية من وزير الدولة لشؤون الهند في لندن إلى المقيم السياسي في الخليج العربي بتاريخ ٩ مايو ١٩٣٥.IOR/R/15/2/417، ص.٧
برقية من وزير الدولة لشؤون الهند في لندن إلى المقيم السياسي في الخليج العربي بتاريخ ٩ مايو ١٩٣٥.IOR/R/15/2/417، ص.٧

كان للمقيم السياسي رأي مغاير، وذلك لأسباب عسكرية في الأساس. ورد بأنه "يجب أن يُسمح لشيخ قطر بأن يشتري بضع السيارات المزودة بمدافع رشاشة. حيث يمكن أن يستخدمسلاح الجو الملكي هذه السيارات في حالات الطوارئ". كما اقترح أن "يتم تدريب بعض رجال الشيخ على استعمال المدافع الرشاشة، تمامًا كما تم مع شيخ الكويت".

برقية من المقيم السياسي في الخليج العربي إلى وزير الدولة لشؤون الهند في لندن بتاريخ ١٠ مايو ١٩٣٥. IOR/R/15/2/417، ص. ٨
برقية من المقيم السياسي في الخليج العربي إلى وزير الدولة لشؤون الهند في لندن بتاريخ ١٠ مايو ١٩٣٥. IOR/R/15/2/417، ص. ٨

لكن لم يتم شراء "العربات المزودة بمدافع رشاشة" مطلقًا. وتم تأمين احتياجات بريطانيا النفطية في حالة اندلاع الحرب بإدراج بند في إتفاقية امتياز النفط القطري بين شركة النفط الأنجلو-فارسية والشيخ في ١٩٣٥:سمح هذا البند بمنح "حق الشفعة في الحصول على النفط في حالات الطوارئ الوطنية أو الحرب". وكانت "الحكومة البريطانية وحدها" هي التي تحدد حق الشفعة هذا. وعلى الرغم من توقيع الامتياز من قبل شركة النفط الأنجلو-فارسية والشيخ، كان هذا البند يضمن فعلياً عدم قدرة أي من الطرفين على السيطرة الكاملة على موارد النفط في حالة اندلاع الحرب.