المصالح الألمانية في صناعة اللؤلؤ في الخليج

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

في بدايات القرن العشرين، أرادت ألمانيا "الوصول إلى النجوم" لكنها واجهت تحديًا فيما يتعلق بالهيمنة التجارية البريطانية في الخليج.

في بداية القرن العشرين، وبعد ثلاثة عقود من النمو غير المسبوق، هدد الاقتصاد الألماني النظم الاقتصادية لأقرب منافسيها في أوروبا؛ بريطانيا وفرنسا. وبينما لم تملك ألمانيا مستعمرات بنفس القدر كبريطانيا وفرنسا، امتد نفوذها الاقتصادي والسياسي بعيدًا ليتخطى حدود سلطة الحكومة الألمانية في برلين. وصل هذا النفوذ حتى بلاد فارس وشبه الجزيرة العربية، عبر البواخر التي إجتهدت بنقل تجارتها من هامبورغ، وعبر خط سكة الحديد الذي جرى إنشائه بين العاصمة الألمانية وبغداد.

صناعة مُربحة

كانت قيمة صناعة اللؤلؤ المربحة في الخليج تقدَّر بأكثر من ٢٦٠ ألف جنيه إسترليني في ١٩٠٠ (أو ما يقارب ٢٤ مليون جنيه إسترليني بأسعار اليوم)، مما جذب انتباه ألمانيا. وقد فتح رجل الأعمال الألماني روبرت وونكهاوس مكاتب في عدة موانئ على سواحل الخليج في بما فيهم البصرة، بندر لنجة والبحرين من ١٨٩٩ إلى ١٩٠٦. وكان وونكهاوس مهتمًا بشكل رئيسي بصدف عرق اللؤلؤ (الذي يتم الحصول عليه من أصداف المحار التي لم تكن مهمة خلاف ذلك)، الذي أصبح شائعًا بصورة متزايدة في أوروبا.

صدف المحار خارج مكتب وونكهاوس وشركاه في البحرين، حوالي سنة ١٩١٤. من: تاريخ الحرب في التايمز، ١٩١٤، مجلد رقم ٣، ص. ٩٤ (المصدر: تاريخ الحرب في التايمز، ١٩١٤،  مجلد رقم ٣، ص. ٩٤)
صدف المحار خارج مكتب وونكهاوس وشركاه في البحرين، حوالي سنة ١٩١٤. من: تاريخ الحرب في التايمز، ١٩١٤، مجلد رقم ٣، ص. ٩٤ (المصدر: تاريخ الحرب في التايمز، ١٩١٤، مجلد رقم ٣، ص. ٩٤)

كانت الحكومة البريطانية حساسة تجاه الاهتمام الأجنبي بصناعة اللؤلؤ في الخليج، لاسيما إذا كان هذا الاهتمام من جانب ألمانيا. وتشير المراسلات إلى أن الاستفسار المُقدَّم إلى الحكومة البريطانية عن صناعة اللؤلؤ في الخليج من دكتور لفين في هامبورغ في ١٩١٠ أفضى إلى اعتراف أحد مسؤولي وزارة الخارجية بأن الصناعة في الخليج كانت "سياسية أكثر منها تجارية"، لاسيما في البحرين.

مقتطف من رسالة من وزارة الخارجية ردًا على الاستفسارات المقدمة من دكتور ليفين من هامبورغ حول صناعة اللؤلؤ في الخليج. IOR/R/15/2/3، صص.١٥–١٦
مقتطف من رسالة من وزارة الخارجية ردًا على الاستفسارات المقدمة من دكتور ليفين من هامبورغ حول صناعة اللؤلؤ في الخليج. IOR/R/15/2/3، صص.١٥–١٦

جاسوس ألماني في البحرين

بعد اندلاع الحرب في أوروبا في أغسطس ١٩١٤، عمد المسؤولون البريطانيون إلى التدقيق في النشاط التجاري الألماني في الخليج عن كثب، حيث كانوا يشكون في أن التجار الألمان ربما يعملون سرًا كعملاء استخباراتيين لحكومة بلدهم. وعندما فتشوا مكاتب وونكهاوس في البحرين في نوفمبر ١٩١٤، اكتشفوا أوراقًا تصف تحركات القوات البريطانية في الخليج. وقد تم إرسال السيد هارلينج، مندوب وونكهاوس في البحرين، وكاتب التقارير المُكتَشفة، سريعًا من قبل المسؤولين البريطانيين إلى أحد سجون معسكر الحرب في الهند.

في منتصف ١٩١٨، أصبح ميزان القوة في أوروبا يميل إلى الحلفاء، وكان موقف ألمانيا يتدهور بشكل متزايد. وقد تلاشت أية اهتمامات تجارية أو استراتيجية لألمانيا (وحلفائها الأتراك) في الخليج. شمل ذلك قطر، التي رحلت حاميتها التركية في١٩١٦، وفي أعقاب ذلك وقع الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني معاهدة حماية مع المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ البريطاني بيرسي كوكس.

نسخة طبق الأصل عن أحد التقارير الصادرة في التايمز الهندية بتاريخ غير معلوم في ١٩١٨. IOR/R/15/2/3، ص. ٣٠
نسخة طبق الأصل عن أحد التقارير الصادرة في التايمز الهندية بتاريخ غير معلوم في ١٩١٨. IOR/R/15/2/3، ص. ٣٠

على الرغم من ذلك، لم ينس المسؤولون الألمان مطلقًا القيمة العظيمة للؤلؤ الطبيعي في الخليج. وفي يونيو ١٩١٨، انتشرت الشائعات في أوروبا والشرق الأوسط فيما يتعلق بمحاولة الرأسماليين الألمان بشراء أكبر كمية ممكنة من اللؤلؤ المتاح في الأسواق البريطانية والفرنسية، ربما لدعم اقتصاد ألمانيا المتصدع بعد حرب دامت أربعة أعوام.