عرض عام
خلال الفترة من ٢٨ نوفمبر حتى ١٩ ديسمبر ٢٠١٣، أجريت مجموعة من الأبحاث على الموسيقى التقليدية في قطر، حيث أتيحت لي الفرصة لتسجيل الموسيقى التقليدية والرقص في الحفلات الموسيقية الخاصة والعامة وكذلك التسجيلات المعدة بشكل خاص.
كان الهدف الرئيسي من بحثي وعملي الميداني هو استكمال التسجيلات التاريخية التجارية (خاصة على أقراص من الشيلاك) والتسجيلات الميدانية القديمة من الخليج الفارسي المصطلح التاريخي المستخدم للإشارة إلى المسطح المائي الذي يفصل بين شبه الجزيرة العربية وإيران. في مجموعات المكتبة البريطانية.
كنت أرغب في اكتشاف ثقافة الموسيقى التقليدية القطرية بنفسي والبحث عن الموسيقيين الذين ما زالوا يؤدون العروض الموسيقية. كان هذا الأمر مهمًا بالنسبة لي من أجل تحديد الصلات بين الثقافات الموسيقية الحالية في قطر والتسجيلات التجارية والميدانية القديمة في مجموعة المكتبة.
من أبرز ما حظيت به في هذه الرحلة ترتيب جلسة تسجيل طويلة لموسيقى البحر والاستماع لموسيقى الصوت في مجلس الفنان والموسيقار القطري خالد جوهر. لقد كانت أمسية رائعة حضرها نحو خمسة وعشرين موسيقيّ ومغني ومصفق وراقص. وقبل جلوس الموسيقيين في نصف دائرة، قُدم للموسيقيين والضيوف أطباق ضخمة من لحم الضأن المشوي والأرز البرياني المتبل.
في هذا الحفل، أخبرني إبراهيم علي، أكبر مغني الصوت في قطر، أنه قدم هذا العرض قبل ذلك مع راشد علي الصوري خلال زيارة الصوري لقطر في السبعينات. وبعد الانتهاء من العرض، تم تقديم القهوة البيضاء الثقيلة للغاية في أكواب الخزف الصغيرة واختتمت الأمسية برقصة حصان نادرة - رقصة الفريسة.
الموسيقى التقليدية في قطر
بينما كنت أسير على كورنيش العاصمة القطرية الدوحة، كان لدىّ انطباع بأن التقدم السريع للبلاد قد محا الكثير من آثار الثقافة البدوية والبحرية، حيث كان الكورنيش يعج بمباني شديدة الارتفاع وممرات التنزه قيد الإنشاء، إلى جانب الطريق السريع. والقوارب الخشبية تُستخدم في المرسى للسياح والأثرياء القطريين، بدلاً من الصناعات التقليدية مثل صيد اللؤلؤ أو صيد الأسماك.
تُظهر صور من التسعينات أن مياه البحر كانت لا تزال نقية، حيث ترسو قوارب صيد الأسماك وصيد اللؤلؤ. ولكن اليوم، بعيدًا عن الواجهة البحرية، استبدلت المباني منخفضة الارتفاع في تلك المناطق بناطحات السحاب.
خلال عملي الميداني كان من الصعب التواصل مع الموسيقيين التقليديين وترتيب جلسات التسجيل. ويبدو أن هذا يرجع جزئيًا إلى استبدال الموسيقى التقليدية إلى حد كبير بالموسيقى العربية الحديثة أو موسيقى البوب الغربية. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا للأصول المشتركة للموسيقى في المنطقة، يقوم موسيقيون من البلدان المجاورة بالعديد من العروض الموسيقية في قطر. ففي مناسبات مثل حفلات الزفاف والتجمعات القبلية، من المرجح أن يقوم فنانون من البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية بأداء العروض بنفس طريقة الموسيقيين القطريين. وبهذه الطريقة، أصبحت قطر مركزًا للعديد من الثقافات الموسيقية الناشئة في منطقة الخليج وأبعد من ذلك.
بينما كنت أبحث عن موسيقى الخليج التقليدية المحتفظ بها في المكتبة البريطانية اكتشفت أن التسجيلات التجارية صدرت في قطر حتى الثمانينات، ولكن يبدو أنها توقفت بالكامل تقريبًا بعد هذا التاريخ. ومن الواضح أن هذا يرجع إلى سببين: التقدم السريع الذي أدى ربما إلى تغييرات في التفضيلات الموسيقية للسكان القطريين؛ بالإضافة إلى توظيف العديد من الموسيقيين للمؤسسات السياسية والثقافية التي تأسست خلال فترة الثمانينات وبعدها.
ولأنني أجنبي أقض وقتًا محدودًا في قطر، كان من الصعب الوصول إلى أوساط الموسيقيين الذين لا يزالون يمارسون الموسيقى التقليدية. ومع ذلك، عندما تمكنت من الوصول إلى التجمعات الأسرية أو القبلية أو غير الرسمية، لاحظت أن الثقافة الموسيقية التقليدية مازالت قائمة وتسير على قدم وساق. شعرت بسعادة غامرة عندما تمكنت من تسجيل التقاليد الموسيقية، مثل الصوت وموسيقى البحر ورقصة العرضة في قلب الثقافة الموسيقية الخليجية. كان لدينا أيضًا فرصة فريدة لتسجيل الأنواع الموسيقية لجالية مالايالي مثل "أرابانا موطو" .
المجتمع القطري
يهتم الكثير من الشباب اليوم بموسيقى البوب المعاصرة الخليجية أو المصرية أو موسيقى البوب الخاصة ببوليوود أو موسيقى البوب الغربية، في حين تميل التربية الموسيقية في قطر إلى الموسيقى الكلاسيكية الغربية أو الموسيقى الكلاسيكية العربية. وقد يعكس هذا نمط الحياة العالمي للنخبة القطرية، الذين غالبًا ما يتلقون تعليمهم في الغرب.
ومع ذلك، فإن الطبيعة المتنوعة للمجتمع القطري لها تأثير مباشرعلى الثقافة الموسيقية، إذ تعيش الجاليات الأسيوية - خاصة الهندية والباكستانية والنيبالية والفلبينية - والجاليات الأوروبية والأمريكية وكذلك الجاليات العربية الأخرى مع بعضها البعض. وعلى الرغم من الاحتفال بمعظم الفعاليات الثقافية بشكل منفصل، إلا أن اليوم الوطني لقطر يوحد العديد من الجاليات المقيمة بالبلاد.
تُعزف الموسيقى التقليدية في قطر، تمامًا كما هو الحال في أجزاء كثيرة من الخليج، في حفلات الزفاف والجنازات، مما يعكس الاستمرارية والمتغيرات الثقافية، والتاريخ والعرق والتراث الثقافي. لكن ذلك أيضًا جزء من مشروع كبير لتكوين أمة لهذا البلد الصغير نسبيًا وسريع التغير.
شاهد المزيد من الرقص والموسيقى التقليدية من قطر:
- موسيقى البحر من قطر (١)
- صوت "الله اليوم"
- صوت "يا جزيل العطاء"
- صوت "إلى موحيّك"
- عازفون آلة المرواس من قطر
- موسيقى البحر من قطر (٢)