الاغتيالات والمكائد في مسقط خلال الفترة من ١٨٦٦ إلى ١٨٦٨

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

الصراع على السلطة في مسقط خلال الفترة من ١٨٦٦ إلى ١٨٦٨ بعد وفاة السيد ثويني بن سعيد آل بوسعيد، سلطان مسقط في ظروف غامضة.

ففي فبراير ١٨٦٦، كان السيد ثويني بن سعيد آل بوسعيد، سلطان مسقط، وابنه الأكبر سالم يسيران بجيشهما نحو البريمي وهو حصن وهابي أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. على حدود نجد/عُمان بنية السيطرة على البلدة وتوجيه ضربة قوية للوهابية في صراعهم المتواصل معهم.

ولكن هذا الجيش لم يصل أبدًا إلى البريمي. فبعد أن أقاموا معسكراُ بعد مسيرة أيام قليلة من البلدة، استيقظوا على خبر وفاة سلطانهم في المساء. ووفقاً لرواية ابنه سالم فإن السلطان قد خرَ صريع حمى خبيثة ودُفن فوراً حتى لا ينتشر المرض.

ولكن خدم السلطان رووا قصة أخرى زعموا فيها أن سالم دخل حجرة أبيه في المساء وأطلق عليه النار وقتله ودفن جثته مختلقاً قصة الحمى لطمس الحقيقة. بدا أن سالم يريد الاستيلاء على السلطة من أبيه ومنع نشوب حرب مع الوهابيين أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. الذين كان على وفاق معهم أكثر من أبيه.

مدينة مسقط من سهلٍ داخلي، سنة ١٨٧٠ تقريبًا. Photo 355/1/44
مدينة مسقط من سهلٍ داخلي، سنة ١٨٧٠ تقريبًا. Photo 355/1/44

النزاع بين الوهابية والسلطان

كان النزاع بين الوهابية أحد أتباع الحركة الإصلاحية الإسلامية المسماة بالوهابية؛ يُستخدم أيضًا للإشارة إلى الرعايا والأراضي الخاضعة لحكم أسرة آل سعود. والسلطان في مسقط دائراً لسنوات طويلة. ولكن في سنة ١٨٦٥، وافق الطرفان على السماح للمقدّم لويس بيلي الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية في الخليج العربي بمحاولة التوسط بينهما للوصول إلى تسوية.

كانت محادثات الوساطة بناءة في بدايتها وبدأت بالنقاش حول تسوية محتملة للنزاع. وعندما شن ملازماً وهابياً هجومًا على عدّة بلدات ساحلية عُمانية انتهت المحادثات وقرر السلطان حشد جيشه والسير نحو البريمي حيث يوجد ذلك الملازم المخادع. ساعدت حكومة الهند السلطان بإمداده بالمال والأسلحة لشن الهجوم المضاد.

التنافس على الحكم

لم يحظَ قرار سالم بتنصيب نفسه سلطانًا بعد وفاة أبيه بشعبية في مسقط أو لدى قبائل البلدان والمناطق العُمانية المحيطة الذين كانوا عادةً يدفعون الضرائب ويدينون بالولاء لسلطان مسقط. ومن شدة امتعاضهم فإنهم رفضوا حتى دفع الضرائب لسالم.

وكان حكم سالم يواجه تهديداً أيضًا من عمه تركي بن سعيد آل بوسعيد الذي كان قد أمر سالم بإلقائه من على ظهر سفينة في الخليج سنة ١٨٦٦. ولكن السفينة البخارية الخاصة بالمقيمية البريطانية التي كانت تنقل لويس بيلي والتي صادف مرورها بالمنطقة في ذلك الوقت شهدت محاولة قتل تركي بن سعيد وأنقذته من ذلك المصير. وبعد إنقاذ لويس بيلي لتركي بن سعيد، عرض عليه لويس الحماية والمأوى كضيف بالمقيمية البريطانية في بوشهر.

استمر هذا الموقف المضطرب لقرابة العامين. حاول سالم تعزيز سلطته ولكن دون جدوى، فرفضت الحكومة البريطانية في البداية الاعتراف به كحاكم بسبب الشائعات المنتشرة حول وفاة أبيه. وتم في نهاية المطاف الاعتراف به كسلطان في سبتمبر ١٨٦٦، غير أن عمه واصل محاولة حشد الدعم وجمع المال لشن هجمات على مسقط وإعلان نفسه سلطانًا عليها.

مقتطف من رواية لويس بيلي حول محاولة تركي بن سعيد استعادة مسقط. Mss Eur F126/38, ff 106–107
مقتطف من رواية لويس بيلي حول محاولة تركي بن سعيد استعادة مسقط. Mss Eur F126/38, ff 106–107

هجوم تركي بن سعيد آل بوسعيد على مسقط

في سبتمبر ١٨٦٦، استطاع تركي بن سعيد تدبير الدعم الكافي لشن هجوم بحري على مسقط والنزول في وقت متأخر ذات مساء والنجاح في الاستيلاء على أحد الحصون الموجودة عند بوابة ميناء مسقط.

ومن هناك، بدأ تركي استخدام دفاعات الحصن لقصف منزل ابن أخيه. وردًا على ذلك، أصدر سالم أوامره بتشييد جدار دفاعي حول الحصن بقصد حصار المهاجمين فيه ثم تجويعهم لإجبارهم على الخروج من أماكنهم. ولكن لسوء الحظ فقد تم تشييد الجدار باستخدام أكياس ثقيلة من الأرز والتمر وببساطة انتظر أتباع تركي سدول الليل وأخذوا المؤن الموجودة في الأكياس ضامنين بذلك أن لديهم مددًا جاهزًا من الطعام وهم يواصلون فك الحصار المفروض عليهم. ومع ذلك، باءت محاولة تركي للإطاحة بابن أخيه بالفشل في النهاية واضطُر مرة أخرى إلى الفرار والبحث عن ملجأ له بعيداً عن مسقط.

مقتطف آخر من رواية لويس بيلي حول محاولة تركي بن سعيد استعادة مسقط. Mss Eur F126/38, ff 106–107
مقتطف آخر من رواية لويس بيلي حول محاولة تركي بن سعيد استعادة مسقط. Mss Eur F126/38, ff 106–107

سلطان جديد

لكنه استمر مع ذلك في محاولة الإطاحة بسالم طوال المدة ما بين سنتي ١٨٦٧ و١٨٦٨. واستسلم سالم في النهاية لعمه وأُعلن تركي بن سعيد سلطانًا جديدًا على مسقط في أكتوبر ١٨٦٨. وفي غضون ذلك، تم نفي سالم من عُمان وقضى أواخر أعوامه في بومباي حيث توفى سنة ١٨٧٦.